Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الصراط : هو الطريق ، وله معنى آخر يوم القيامة ، هو الصراط المضروب على متْن جهنم يمرُّ عليه البَارُّ والفاجر ، والمؤمن والكافر ، ويختلف المارُّ عليه باختلاف عمله في الدنيا ، فواحد يمرُّ عليه كالبرق الخاطف ، مع أنه أَحَدٌ من السيف وأدَقُّ من الشعرة ، وآخر يمرُّ عليه كأسرع جَوَاد ، وآخر يمر عليه حَبْواً ، وآخر يقع في جهنم ، والعياذ بالله . وحين تمر على الصراط لن يكون معك عَصَا تحفظ بها توازنك كلاعب السيرك مثلاً لأن الذي يزنُ حركتك على الصراط هو القرآن الذي استمسكْتَ به في الدنيا ، فكأن المؤمن حين يمرُّ على الصراط لا يكون توازنه من تحته إنما من أعلى ، من جهة القرآن ، فهو أشبه بالكباري المعلَّقة التي لا يحملها شيء من تحتها ، لكنها مشدودة من أعلى بما يمسكها ويحفظ توازنها ، كذلك حال المؤمن على الصراط . والصراط في معناه العام هو الطريق المستقيم الذي يوصلك للغاية من أقرب مسافة وأيسرها ، لكن عبارة القرآن { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ يس : 4 ] فيها إشارة إلى أن الصراط له مهمة ، هي أنْ يُوصّلك إلى الغاية المرادة ، فالصراط في خدمتك . ومثل ذلك قوله سبحانه : { عَلَىٰ هُدًى } [ البقرة : 5 ] البعض يفهم أن الهداية تقتضي التكاليف وتقييد الحركة ، وأن في الهداية مشقة وعنتاً ، لكن لفظ الآية يعني خلاف ذلك ، فمعنى { عَلَىٰ هُدًى } [ البقرة : 5 ] أنك تعتلي الهدى ، وكأنه مطية لك توصَِّلك لغايتك المجيدة ، فهو يحملك ، لا تحمله أنت . ووَصْف الصراط بأنه مستقيم ، لأننا تعلمنا في الهندسة أن الخط المستقيم هو أقرب مسافة بين نقطتين ، فحين تريد مثلاً الانتقال من مكان إلى مكان ، فـ من للابتداء ، و إلى للغاية التي تريدها ، وما دُمْتَ لا يعنيك إلا البداية والغاية ، فالتيسير يقتضي أنْ تسلك أقرب الطرق وأقصرها وهو الخط المستقيم لأن كل التواء في الطريق أو منعطف يكون في خط السير مُثلَّثاً من ضلعين ، ويكون الطريق المستقيم هو الضلع الثالث . ومعلوم أن مجموع أيِّ ضلعين في المثلث أطول من الثالث ، إذن : يطول عليك الطريق لذلك يُحدِّثنا القرآن عن الصراط المستقيم ، وعن سواء السبيل يعني : الجهة اليمين تساوي الجهة اليسار . لكن ، لماذا كان طريق المؤمنين صراطاً مستقيماً ؟ لأن الله تعالى هو الذي شرعه في منهج خَلْقه ، ولأنه مُنزَّل من الله .