Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 69-70)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : وجدوا آباءهم على ضلال { فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ } [ الصافات : 70 ] يعني : يتبعون طريقهم ويُقلِّدونهم ، ومعنى { يُهْرَعُونَ } [ الصافات : 70 ] أي : يُزعجون ويسرعون كأن شيئاً يحملهم على الإسراع لأن هذا الفعل يُهْرَعُونَ مبني للمجهول . أى : لِمَا لم يُسَمَّ فاعله كما نقول : زُكم فلان ، فالفاعل غير معروف . ولو كان الإسراع في اتباع الآباء منهم لَقَال يَهرعون بالفتح ، إنما يُهرعون كأن شيئاً يدفعهم إلى تقليد الآباء ، ليبين لك سبحانه أن الشر أعدى ، لأنه لا تكليفَ للنفس فيه ولا حجزَ للشهوة ، لذلك يجري الإنسان إليه ويُسرع في طلبه . أما الهدى والمنهج فلا يسرع إليه لأنه يُضيِّق عليه مجال الشهوات ، ويُقيِّد حركته في إطار ما شرع الله ، إذن : هم يُقلِّدون الآباء وهم يعرفون أنهم ضالون لينفلتوا من قَيْد التكاليف الشرعية . لذلك لما أخذ الله تعالى علينا العهد ونحن في عالم الذر ، قال سبحانه : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ } [ الأعراف : 172 - 173 ] . وقد حكى القرآن اعترافهم باتباع الآباء في أكثر من موضع من كتاب الله ، فقال سبحانه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ } [ البقرة : 170 ] ويردُّ عليهم { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [ البقرة : 170 ] . فكأن الحق سبحانه يقول لهم : أنتم كاذبون في هذا الادعاء . ولو كانت القضية عامة ، فلماذا لم تتبعوا أباكم آدم عليه السلام ، وقد جاء بمنهج وسار عليه ؟ فلو اتبعه القوم لقلَّدهم مَنْ بعدهم وهكذا ، ولاستمرَّ منهج الله ، إنما حَكَمتكم الشهواتُ ، وسيطرتْ عليكم الرغباتُ ، فأخرجتكم عن منهج ربكم وخالفتم . ثم أليس منكم رجل عاقل يَعِي هذا الضلال ، ويأنف أنْ يتبعه ، ويبحث عن هدى ؟ .