Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 97-98)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تعلمون قصة النار التي أوقدوها ، ثم ألقوْا بنبيِّ الله إبراهيم في وسطها ، هذا هو الكيد الذي أرادوه بإبراهيم ، وما كان الله تعالى ليبعثَ نبياً ثم يُسْلِمه ، فردَّ الله كيدهم عليهم { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً } [ الطارق : 15 - 16 ] . ومعنى { فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } [ الصافات : 98 ] أي : في هذا المقام . وفي هذا الموقف الذي فعلوه بإبراهيم ، فليسوا الأسفلين لأنهم كفار ، إنما أسفلين لأنهم تعالَوْا على إبراهيم وتمكَّنوا منه ، وقدروا على إلقائه في النار فعلاً وهي مشتعلة ، وظنوا ساعتها أنهم هم العالون . لكن سرعان ما تكشفتْ حقيقة الموقف ، وظهرتْ الآية الكبرى التي أرادها الله تعالى فلو أراد الله لَنَجا إبراهيم ، فلم يتمكَّنوا من الإمساك به ، ولو أراد سبحانه لأمطرتْ السماء على النار فأطفأتها ، لكن أراد الله أنْ يُبطل حججهم ، فلو هرب إبراهيم من أيديهم لَقالوا : لو لم يهرب لأحرقناه ، ولو أمطرتْ السماء لقالوا : ظاهرة طبيعية لا دَخْلَ لنا بها . لكن ها هو إبراهيم ، وها هي النار تشتعل ، ومع ذلك ينجو إبراهيم بعد أنْ جاء نداء الحق وكلمة الحق للخَلْق { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [ الأنبياء : 69 ] . الخطاب من الله تعالى ، والأمر للنار على طبيعتها ، وبذات مواصفاتها { كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً } [ الأنبياء : 69 ] لا في ذاتك ، إنما { عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [ الأنبياء : 69 ] فهذه خصوصية لهذه النار بالذات ، فهي من ظاهرها مشتعلة ، وفي حقيقتها { بَرْداً وَسَلَٰماً } [ الأنبياء : 69 ] على إبراهيم ، فهي مثل شجرة الزقوم ، تبدو لهم شجرةً خضراءَ ، وهي نار تحرقهم . وهكذا جعلهم الله في هذا المقام { ٱلأَسْفَلِينَ } [ الصافات : 98 ] أي : في الكيد الذي دبَّروه ، فهم يكيدون والله يكيدُ ، ولا بُدَّ أنْ يُؤْخَذَ الكيدُ من خلال فاعله .