Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 55-58)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال هنا أيضاً هذا أي : الكلام السابق عن جزاء المتقين في الجنة . وفي مقابله { وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } [ ص : 55 ] لشرّ مصير وأسوأ منقلب ومرجع ، والمآب هنا أيضاً كالمآب السابق ، مآب إلى مَنْ أخذ عليهم العهد الأول ومنحهم إيمانَ الفطرة ، فكلُّ مولود يُولَد على الفطرة ، لكن هؤلاء لم يُوفوا بالعهد الذي أخذوه على أنفسهم ، إنما خالفوا { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ … } [ الأعراف : 172 ] . وكما فَصَّلَ الحق سبحانه حُسْن المآب يُفصِّل هنا أيضاً شر المآب ، فيقول { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا … } [ ص : 56 ] أي : يصطلون بنارها { فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } [ ص : 56 ] أي : ساء . والمهاد : هو فراش الطفل الذي يمهد له لينام فيه نَوْمةً مريحة ، لكن ليس للطفل دَخْل في إعداده إنما يُعدُّه له وليُّه الذي يتولى أمره ، كذلك هؤلاء الطاغون لا دَخْلَ لهم في المهد الذي سيُلقون فيه . إذن : استخدام المهد هنا على سبيل الاستهزاء والسخرية منهم . { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } [ ص : 57 ] أي : يذوقوا العذاب حَمِيم هو الشيء الحار الذي تناهتْ حرارته ، و غَسَّاق هو صديد أهل النار الذي يسيل منهم في جهنم والعياذ بالله ، تقول : غسقتْ عينه أي : سال دمعها . لكن هل ينتهي العذاب بالحميم والغساق ؟ لا ، بل لهم ألوان أخرى من العذاب { وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } [ ص : 58 ] آخر : يعني عذاب آخر غير هذا ينتظرهم { مِن شَكْلِهِ … } [ ص : 58 ] من مثله ومن جنسه ومن نوعه وتكوينه { أَزْوَاجٌ } [ ص : 58 ] أنواع وأصناف مختلفة ، وإلاَّ فأين المُهْل ؟ وأين شجرة الزقوم التي طَلْعها كأنه رؤوس الشياطين ، وغيرها من ألوان العذاب الذي أعدَّه الله لهؤلاء الطاغين ؟ وبعد أن أعطانا الحق سبحانه هذه المقابلَة التوضيحية بين جزاء أهل الأخيار المتقين ، ومصير الأشرار الطاغين ، أراد سبحانه أنْ يُفرِّق بين صحبة الأخيار وصحبة الأشرار ، فصحبة الأخيار تعينك على الطاعة وتعينك على الخير وصحبة الأشرار تجرُّك إلى الشر وتدعوك إلى المعصية . ففي المدارس مثلاً ، كم من تلميذ تفوق لأنه مَاشَى زميلاً من أهل الخير أعانه على دروسه وحَثَّه على المذاكرة وخَوَّفه من سوء العاقبة آخر العام إنْ أهمل ، وفي المقابل كم من تلميذ فشل لأنه صاحبَ الأشرار الذين أغروْه بالهروب من الحصص ، وأخذوه إلى الشارع ، وإلى السلوك غير المستقيم . وفي النهاية ، لا بُدَّ أنْ يحمد المتفوق زميله الذي أخذ بيده إلى الخير ، ولا بدّ أنْ يذم الفاشل زميله الذي أغراه وأضلّه وضيَّع عليه الفرصة . أراد الحق سبحانه أنْ يعطينا هذه الصورة ، فقال سبحانه : { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ … } .