Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 71-74)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا الكلام جاء من الحق - سبحانه وتعالى - للملائكة على سبيل الإخبار ، لكن فهموا هم أنه استشارة ، وأن الخالق سبحانه يستشيرهم في مسألة خَلق الإنسان لذلك قالوا ما قالوه ، وكان عليهم أنْ يتنبهوا إلى أن المسألة مبتوتٌ فيها ، وأنها قضية منتهية لأن الله أخبر بها بقوله : { إِنِّي خَالِقٌ … } [ ص : 71 ] هكذا بلفظ التوكيد . وهنا لا بُدَّ أنْ نشيرَ إلى أن البعض يحاول الاستدراك على كلام الله في مسألة خَلْق الإنسان من طين ، يقولون : إن القرآن قال مرة : من طين . ومرة : من ماء . ومرة : من حمأ مسنون . ومرة : من صلصال ، والواقع أن هذه مراحل للشيء الواحد وليست اختلاف بدايات مأخوذ منها ، فالتراب حين يوضع على الماء يصير طيناً ، فإذا تُرِكَ الطين حتى عطن وتغيَّرت رائحته ، فهو الحمأ المسنون ، فإذا جَفَّ وتصلَّب فهو صَلْصَال كالفخار . ولما خلق الله الإنسان خلقه من الطين ، بمعنى أنه جامع لكل عناصر التربة السوداء والصفراء والرملية … إلخ وقد توصَّل العلماء إلى أن هذه التربة هي الصالحة للزراعة ، لأن الطينة أو التربة إنْ كانت متماسكة تمسك الماء تحت الجذر فيمور ويذبل النبات ، وإن كانت رملية تسرب فيها الماء قبل أنْ يمتصَّه النبات . إذن : نحتاج إلى تربة بين بين ، بحيث تمسك الماء بالقدر الذي يتيح للنبات أنْ يستفيد منه ويمتص عناصر الغذاء ، ثم يتسرَّب الباقي فلا يضر بالجذور . كما توصل العلماء إلى أن عناصر جسم الإنسان عبارة عن 16 عنصراً ، تبدأ بالأكسوجين بنسبة 67 % وهي أعلى نسبة وتنتهي بالمنجنيز . وأن الطين يحتوي على نفس هذه العناصر الستة عشر ، وهذا يثبت صدْق الحق سبحانه في خلْق الإنسان من الطين . ومعنى { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ … } [ ص : 72 ] يعني : صوَّرْتُ قالبه وشكله { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي … } [ ص : 72 ] يعني يصير مخلوقاً كاملاً تدبّ فيه الحياة ويتحرك { فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } [ ص : 72 ] أي : خرّوا ساجدين ، ليس سجودَ عبادة ، إنما سجود طاعة لصاحب الأمر بالسجود . إذن : سجود الملائكة لم يكن لآدم ذاته ، إنما كان لله الذي خلق آدم وأمر الملائكة أنْ تسجدَ له ، ومعنى تسجد له كما تقول : أنا أسجد للقبْلة ، فالسجود ليس للقبلة ذاتها إنما ناحيتها . { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } [ ص : 73 - 74 ] .