Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 108-108)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إنهم يطلبون البراءة أمام الناس في أن " طعمة " لم يفعل السرقة ، ولكن هل يملك الناس ما يملكه الله عنهم ؟ . إنه سبحانه أحق بذلك من الناس . فإذا كنتم تريدون التعمية في قضاء الأرض فلن تعموا على قضاء السماء . وهذه القضية يجب أن تحكم حركة المؤمن ، فإذا ما فكر إنسان منسوب إلى الإسلام أن يفعل شيئاً يغضب الله فعليه أن يفكر : أنا لو فعلت ذلك لفضحت نفسي أو فضحت ولدي أو فضحت أسرتي أو فضحت المسلمين ، وعلى الإنسان المسلم ألا يخشى الناس إن فعل أخ له شيئاً يشين المسلمين ، بل عليه أن يأخذ على يديه ويردُه عن فعله . ونقول لمن يستتر عن الناس : أنت استخفيت من الناس ، ولم تستخف من الله لذلك فأنت غير مأمون على ولاية . { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ } ، وكلمة " معهم " هذه تريد أن تجعل المؤمن مصدقاً أن الله لا تخفى عليه خافية ، إنه من الممكن أن يستتر الشخص عن الناس ، ولكنه لا يستطيع أبداً أن يستتر عن الله لأن الله مع كل إنسان في الخلوة والجلوة والسر والعلن . فإن قدر واحد على الاستخفاء من الناس فهو لن يقدر على الاستخفاء من الله . { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } و " يبيت " أي أنه يفعل أمره في الليل لأن الناس كانت تلجأ إلى بيوتهم في الليل ، ومعنى " يبيت " أن يصنع مكيدة في البيت ليلا ، وكل تدبير بخفاء اسمه " تبييت " حتى ولو كان في وضح النهار ، ولا يبيت إنسان في خفاء إلا رغبة منه في أن ينفض عنه عيون الرائين . فنقول له : أنت تنفض العيون التي مثلك ، لكن العيون الأزلية وهي عيون الحق فلن تقدر عليها . { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [ النساء : 108 ] حين نسمع كلمة " محيط " فلنعلم أن الإحاطة هي تطويق المحيط للمحاط ، بحيث لا يستطيع أن يفلت منه علماً بحاله التي هو عليها ولا قدرة على أن يفلت مِنْه مآلا وعاقبة ، فهو سبحانه محيط علماً لأنه هو الذي لا تخفى عليه خافية ، ومحيط قدرة فلا يستطيع أن يفلت أحد منه إلى الخارج . وسبحانه محيط علماً بكل جزئيات الكون وتفاصيله وهو القادر فوق كل شيء . فإذا ما سمعنا كلمة " محيط " فمعناها أن الحق سبحانه وتعالى يحيط ما يحيط به علماً بكل جزئياته فلا تستطيع جزئية أن تهرب من علم الحق . وسبحانه محيط بكل شيء قدرة فلا يستطيع أن يفلت من مآله شيء من الجزاء الحق . وبعد ذلك يقول الحق جل وعلا : { هَا أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا … } .