Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 166-166)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وساعة نسمع " لكن " فمعنى ذلك أن هناك استدراكاً . وقوله الحق : { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ } نأخذ منها بلاغاً من الحق . خصومك يا محمد لا يشهدون أنك أهل لهذه الرسالة ، ويستدرك الله عليهم ويوضح لهم أنه سبحانه هو الذي خلق الإنسان وهو أعلم بقانون صيانته . ومنهج الله إلى البشر بواسطة الرسل هو قانون صيانة ذلك الإنسان . وإذا كان أهل الكتاب لا يشهدون بما أنزل الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وينكرون ما في كتبهم من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم كرسول خاتم ، فإن الله يشهد وكفى بالله شهيداً . لقد أنزل القرآن بعلمه ، وهو الذي لا تخفى عليه خافية ، وهو الذي خلق كل الخلق ويعلم - وهو العليم - ما يصلح للبشر من قوانين . وفي أعرافنا البشرية نجد أن الذي يصنع الصنعة يضع قانون صيانتها لتؤدي مهمتها كما ينبغي ، كذلك الله الذي خلق الإنسان ، هو سبحانه الذي وضع له قانون صيانته بـ " افعل " و " لا تفعل " . ولذلك يقول الحق : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] ونجد الإنسان منا يذهب بساعته إلى عامل إصلاح الساعات فيكشف عليها ويقرر ما فيها من فساد ، فما بالنا بخالق الإنسان . إنّ العبث الذي يوجد في العالم سببه أن الناس قد استقبلوا خلق الله لهم ، ولم يدع أحد أنه خلق نفسه أو خلق غيره ، ومع ذلك يحاولون أن يقننوا قوانين صيانة للإنسان خارجة عن منهج الله . ونقول : دعوا خالق الإنسان ، يضع لكم قانون صيانة الإنسان بـ " افعل " ولا " تفعل " وإن أردتم أن تشرِّعوا ، فلتشرعوا في ضوء منهج الله ، وإن حدث أي عطب في الإنسان فلنرده إلى قانون صيانة الصانع الأول وهو القرآن لأن المتاعب إنما تنبع من أن الإنسان يتناسى في بعض الأحيان أنه من صنعة الله ، ويحاول أن يصنع لنفسه قانون صيانة بعيداً عن منهج الله ، والذي يزيل متاعب الإنسانية هو أن تعود إلى قانون صيانتها الذي وضعه الخالق تبارك وتعالى . { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ } والملائكة تشهد لأنها نالت شرف أن يكون المبلغ لرسول الله منهم وهو جبريل عليه السلام ، وهم أيضاً الذين يحسبون حسابات العمل الصالح أو الفاسد للإنسان ويكتبونها في صحيفته ، وهم كذلك الذين حملوا ما في اللوح المحفوظ وبلغوا ما أمروا بتبليغه وهم يعرفون الكثير { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } لماذا لم يقل الله هنا وكفى بالله وبالملائكة شهوداً ؟ . لأن الحق سبحانه وتعالى لا يأخذ شهادة الملائكة تعزيزاً لشهادته . ونحن لا نأخذ شهادة الملائكة تعزيزاً لشهادة الله وإلا كانت الملائكة أوثق عندنا من الله . وسبحانه يؤرخ شهادة الناس وشهادة الملائكة ، لكنك يا رسول الله تكفيك شهادة الله . ومن بعد ذلك يقول الحق : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } .