Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 167-167)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إنّ كُفر الكافر إنما يعود عليه ، وهو يملك الاختيار بين الكُفر والإيمان ، لكن أن يصد الكافر غيره عن الإيمان فهذا ضلال متعدّ لقد ضل في نفسه ، وهو يحاول أن يضل غيره لذلك لا يحمل وزره فقط ولكن يحمل أوزار من يضلّهم . وكيف يكون الصدّ عن سبيل الله ؟ . بمحاولة أهل الضلال أن يمنعوا آيات الهُدى من أن تصل إلى آذان الناس ، فيقولوا ما رواه الحق عنهم : { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [ فصلت : 26 ] ولو فهموا معنى هذه الآية لما قالوا ما جاء فيها ، فقولهم : { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } أي اصنعوا ضجة تشوّش على سماع القرآن ، وهم قد علموا أن هذا القرآن عندما يصل إلى الأسماع فإنه يبلغ الهداية ، ولو كان القرآن غير مؤثر لما قالوا ذلك ، إذن هم يعترفون بأنهم يُغلَبُون عندما يصل صوت القرآن إلى آذان البشر المدعوين إلى الهداية . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } . كان يكفي أن يقول الحق { قَدْ ضَلُّواْ } ، لكنه جاء بالمصدر التأكيدي { قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } أي إنه الضلال بعينه ، وهو فوق ذلك ضلال بعيد . وعندما ننظر في كلمة " بعيد " ، نعرف أن الشيء البعيد هو الذي بينه وبين مصدره مسافة زمنية طويلة . والذي يضل قصارى ضلاله أن ينتهي بانتهاء حياته ، لكن الذي يعمل على إضلال غيره فهو يجعل الضلال يمتد ، أي أن الضلال سيأخذ في هذه الحالة زمناً أكبر من حياة المُضل ، ويتوالى الضلال عن المضلين أجيالاً ، وهكذا يصبح الضلال ممتداً . والضلال المعروف في الماديات البشرية هو - على سبيل المثال - أن يسير الإنسان إلى طريق فيضل إلى طريق آخر . وقصارى ما يضل فيه هو أن يذهب إلى مفازه - أي صحراء - ولا يجد ماء ولا طعاماً فيموت . لكن الضال المضل يجعل ضلاله يأخذ زمن الدنيا والآخرة وبذلك يكون ضلاله ممتداً . ومن بعد ذلك يقول الحق : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } .