Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 79-80)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلأَنْعَامَ } هي : الإبل والبقر والغنم والماعز وهذه لها مهمة { لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا … } [ غافر : 79 ] يعني : منها ما يُركب وهو الإبل ، فلا نركب الخروف مثلاً { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } [ غافر : 79 ] أي : اللحوم { وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ … } [ غافر : 80 ] أي : منافع أخرى غير الركوب . والأكل ، كأن ننتفع منها بالجلود والأصواف والأوبار ، وكانوا يصنعون منها الملابس والأغطية والمفروشات والخيام … الخ . وتأمل هنا عظمة الأداء القرآني ، ففي الركوب قال : { لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا … } [ غافر : 79 ] وفي الأكل قال : { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } [ غافر : 79 ] قالوا : لأن الأكل من المباحات ، أما الركوب فمن الضروريات . وقوله : { وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ … } [ غافر : 80 ] أي : أنها تُبلِغكم حاجتكم في السفر للحج مثلاً أو للتجارة وحمل الأثقال { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } [ غافر : 80 ] عليها نعم لأننا نركبها ونضع عليها الأحمال . أما { عَلَى ٱلْفُلْكِ … } [ غافر : 80 ] أي : السفن . فمعلوم أننا نركب في السفينة كما قال تعالى في سفينة سيدنا نوح عليه السلام : { قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا … } [ هود : 40 ] ولم يَقُلْ عليها ، كيف ؟ قالوا : لأن الحق سبحانه كأنه يُعطينا المراحل التي تمر بها صناعة السفن وكيفية الاستفادة منها ، فسفينة نوح كانت أولَ سفينة فكانتْ على صورة بسيطة ، فأراد الحق سبحانه أنْ يُعلمنا أن صناعة السفن ستتطور ، ويكون بها طوابق مختلفة فنركب عليها . لذلك كنا سألناهم في سان فرانسيسكو عن السفن العملاقة هذه ، متى صُنِعت ؟ وكانوا لا يعرفون سنة بالتحديد ، فقال أحد الحضور : اعتبر أنها منذ قرن مثلاً ، قلت : نعم ، وفي القرآن الكريم إخبار بها ووصفٌ دقيق لها ، فهي متسعة من أسفل تضيق في كل دور من الأدوار إلى أعلى ، فتراها عملاقة على صفحة الماء مثل الجبل . فكيف يقول الحق سبحانه في قرآنه وهو يُعدِّد نعمه علينا في سورة الرحمن : { وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } [ الرحمن : 24 ] يعني : كالجبال ، ومعلوم أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يركب البحر ولم يَرَ مثل هذه السفن العملاقة ، إنه دليلٌ على صدق محمد صلى الله عليه وسلم في البلاغ عن ربه . ثم قولوا لي : متى صُنِعت هذه الأسانسيرات وهذه المصاعد الحديثة ؟ قالوا : من خمسين عاماً مثلاً ، قلت : فالحق سبحانه يقول في القرآن الكريم : { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } [ الزخرف : 33 ] . معارج يعني : مصاعد كالتي عندكم منذ خمسين سنة ، أخبرنا الله بها منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان . هذه كلها لقطات من كتاب الله ذكرها الحق سبحانه لتكون دليلاً على الإعجاز : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ … } [ فصلت : 53 ] .