Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 13-13)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أعرضوا ، يعني بعد كل هذه الآيات ، وبعد أنْ أقرُّوا هم بأنه سبحانه خالقهم وخالق السماوات والأرض ، خاصة وهذه مسألة لم يدَّعها أحدٌ لنفسه ، فما دام أن مسألة الخَلْق هذه لم يدَّعها أحد فقد سَلَمتْ لله وحده ، لذلك قال تعالى : { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ … } [ آل عمران : 18 ] شهد الله لنفسه وأعلنها ، فهل اعترض أحد عليها ؟ لم يعترض أحد . { فَإِنْ أَعْرَضُواْ … } [ فصلت : 13 ] بعد هذه الآيات الواضحات { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [ فصلت : 13 ] الإنذار يكون بشيء مخيف مُروِّع قبل حدوثه ، لا بعد أن يكون حدوث المُنذَر به ليُجِدي الإنذار ونحتاط له ، فلو وقع الأمر المروّع لم يُجْدِ الإنذار به . كذلك قلنا في البشارة بالأمر السَّارّ قبل أوانه لنقبل عليه ، إذن : البشارة والنذارة لا بدَّ أنْ يكون كل منها قبل الحدث المبشَّر به أو المنذَر به . فقل يا محمد للذين كذَّبوا بآياتنا : { أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [ فصلت : 13 ] أنذرتكم أي الحق سبحانه هو المنذر ، وهو سبحانه عزيز لا يُغلب ، وما دام أنذر بشيء فلا بدّ أنْ يقع وأنْ يتحقق . وقوله : { صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [ فصلت : 13 ] يعني : المسألة ليستْ كلاماً ، إنما واقع حدث بالفعل وسوابق ، كما حدث مع عاد وثمود وأنتم على علم بها وتشاهدون آثار هؤلاء . هنا كان عتبة بن ربيعة ، وهو سيد من سادات قريش حينما أسلم سيدنا عمر وأسلم حمزة والعباس ، قال صناديد الكفر : إن أمر محمد في اتساع ، فلا بدَّ أنْ نتدارك الأمر ونحدد موقفنا منه لنمنع هذا الاتساع ، فعلينا أن نختار واحداً منا على علم واسع باللغة والشعر ، وكاهناً يجيد أساليب الكهان ، وكذلك يكون ساحراً ، يعني : يجيد كل ما نتهم محمداً به . فقال عتبة : أنا أعلم الناس بكل ذلك فدَعُوني أذهب إلى محمد ، فلما ذهب إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : يا محمد أنت خير أم جدُّك هاشم ؟ أنت خير أم جدّك قصي ؟ أنت خير أم جدّك عبد المطلب ؟ هؤلاء لم يُسفِّهونا في عبادتنا ، فهل أنت خير منهم لتأتي بدين جديد غير دين آبائنا ؟ إن كنت يا محمد تريد مالاً جمعنا لك المال ، وإن كنتَ تريد مُلْكاً ملَّكناك علينا ونجعلك سيدنا ، وإن كنتَ تريد الزواج زوّجناك بأفضل نسائنا ، واسكت عن هذا الأمر الذي تدعو إليه ، وانْتَهِ ، عن سَبِّ آلهتنا . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتسمع ؟ قال : نعم أسمع فقرأ عليه من أول سورة فُصِّلت إلى أن وصل { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [ فصلت : 13 ] . وعندها قام عتبة ووضع يده على فم رسول الله ، وقال : سألتُكَ بالرحم ألاَّ تكمل ما قرأتَ ، لماذا ؟ لأنه علم أن محمداً لا يقول شيئاً إلا وقع ، وبعدها اعتزل عتبة قومه حتى قالوا : لقد صبأ عتبة ، لقد طمع فيما عند محمد من الخير ، يعني : افتقر إلى ما عند محمد من المال ، وسمع عتبة هذا الكلام لكنه لم يُجِبْ . وبعد ذلك قال لهم : لا والله ما صبأت ولكني خِفْتُ على قومي إنذارَ محمد بصاعقة تحلّ بهم مثل صاعقة عاد وثمود ، لأنني أعلم أن كل شيء يقوله محمد لا بد أنْ يقع ، فأنا أنجيكم من هذا بأنْ أجعله لا يكمل هذه الآية … وظل رسول الله يقرأ السورة إلى السجدة . الحق سبحانه وتعالى حينما يعطي كلاماً نظرياً يُؤيده بواقع ، وقريش تعلم قصة عاد وثمود ، لكن ما هي الصاعقة ؟ الصاعقة هي الشيء الذي يصعق ما تحته ، قد يكون ريحاً مدمرة ، وقد يصطحب معه ناراً محرقة ، والقرآن قال : صاعقة ، وسمَّاها صيحة وقال : ريحاً صرصراً عاتية .