Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 14-14)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ … } [ فصلت : 14 ] هكذا بالجمع مع أن الكلام عن عاد وثمود ولكل منهما رسول الله واحد ، فلماذا جمع وقال الرسل ؟ قالوا : لأن كل رسول يأتي يُؤمر من الله أنْ يأمر قومه بأنْ يؤمنوا بالرسل السابقين ، وأنْ يؤمنوا كذلك بمَنْ يأتي من الرسل بعده ، فكأن عاداً وثمود حينما يؤمنون برسولهم يؤمنون كذلك بكل الرسل ، أو أنهم كانوا متفرقين في المواقع ، بحيث يكون لكل موقع رسول خاص ، فتعدد الرسل بتعدّد المواقع . وقوله { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ … } [ فصلت : 14 ] هذا ملخص دعوة كل الرسل وقضية كل رسول من عند الله { قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [ فصلت : 14 ] يعني : أنتم بشر مثلنا ، وإنْ أراد الله هدايتنا لأرسل لنا رسولاً من الملائكة . وهذا دليل غبائهم لأن الرسول جاء مبلِّغَ منهج وأُسْوة سلوك ، فلو كان الرسول ملكاً ما تحققتْ فيه مسألة القدوة والأسوة ، وما استطاع أنْ يأمر قومه بما يقوم هو به ، ولَقالَ له قومه : كيف نفعل وأنت ملَك ونحن بشر ؟ فالأسْوة هنا غير موجودة أًصلاً . إذن : فلا بدّ أن يكون الرسول من جنس المرسَل إليهم ، حتى لو جئنا به ملَكاً كما تريدون لجاءكم في صورة بشر ، لأنكم لا تروْنه على هيئته الملائكية ، ولا تستطيعون الاستقبال منه على هذه الهيئة لذلك قال تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَٰهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [ الأنعام : 9 ] ولظلتْ الشبهة كما هي ، إذن : لا بدّ أنْ يكونَ الرسولُ رجلاً من جنس القوم . وقولهم : { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [ فصلت : 14 ] تأمل ، إنهم يعترفون برسالة الرسل ، ويُقرون بذلك ، ونحن لا نريد منكم أكثر من هذا أنْ تعترفوا بأنهم مُرْسَلُون ، وعجيب بعد ذلك أنْ يكفروا ، قالوا : ويجوز أنْ يكون المعنى { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ … } [ فصلت : 14 ] أي : كما تقولون أنتم بأفواهكم ، أو أرسلتم على سبيل الاستهزاء بهم ، كما في قوله تعالى في المنافقين : { لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ … } [ المنافقون : 7 ] وقالها فرعون { إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } [ الشعراء : 27 ] . مجنون ؟ والله أنت المجنون ، فما دام أنه أُرسِل فلم تعاند ؟ إذن : المسألة كلها كفر وعناد ، والكفر هو الجنون بعينه ، جنون على جنون . ثم أراد الحق سبحانه أنْ يُفصِّل القول في أمر عاد وثمود ، فقال سبحانه : { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي … } .