Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 38-38)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ … } [ فصلت : 38 ] أي : عن طاعة الله في أمره ونَهْيه في الآية قبلها { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ … } [ فصلت : 37 ] ، والاستكبار هنا يدلُّ على عدم الإيمان بالله الآمر الناهي ، لأنهم سجدوا للشمس وسجدوا للقمر سجود عبادة ، والعبادة تعني طاعة العابد لأمر المعبود ، والشمس والقمر ليس لهما أوامر ولا نَوَاه ، فعبادتهما باطلة ، وتدل على غباء مَنْ عبدها وعلى كذبه في هذه العبادة ، لأنها مخلوقات لا أمرَ لها ولا نهي ولا تكاليفَ ، لا تثيب مَنْ أطاعها ، ولا تعاقب مَنْ عصاها . لذلك قلنا : إن كلمة العبادة هنا كذب وباطلة فنطزية يعني المهم يكون لهم معبودٌ يُرضِي عنده رغبته في التدين ، وما أسهلَ أنْ يتخذَ الإنسانُ معبوداً لا تكاليفَ له . لذلك لما قالوا : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ … } [ الزمر : 3 ] قلنا : كلمة نعبدهم هنا كذب ، بدليل أنكم إذا نزل بكم الضر لا تلجئون إلى الشمس ولا إلى القمر ، إنما تلجئون إلى الله : { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ … } [ الإسراء : 67 ] . وقال : { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ … } [ الروم : 33 ] . وقوله تعالى : { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ } [ فصلت : 38 ] . المعنى : أن الحق سبحانه مُستغنٍ عن طاعة هؤلاء المستكبرين وعن عبادهم ، فله سبحانه ملائكة مُكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون ، يُسبِّحون الليل والنهار لا يفترون ، ولا عملَ لهم سِوَى التسبيح ، وهم لا يسأمون ولا يملّون ولا يتعبون . قالوا في العندية هنا { فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ … } [ فصلت : 38 ] أنها عندية مكانة ، لا عندية مكان ، عندية تكريم وشرف ، كما قال سبحانه عن الشهداء : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ آل عمران : 169 ] . وقال سبحانه : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [ القمر : 54 - 55 ] . فهؤلاء الملائكة ليسوا عند الله في مكان واحد ، ولا هم قاعدون معه سبحانه ، إنما هي مثلنا تماماً لا يروْنَ الله سبحانه ، ويؤمنون به مثلنا بالغيب ، والله بالنسبة لهم غَيْبٌ ، وبعض التفسيرات وأنا أشجعها تميل إلى أن الله تعالى ليس له مكان لأنه في كل مكان ، فكل مكان عند الله . ولذلك اقرأ قول الحق تبارك وتعالى : { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } [ الواقعة : 83 - 85 ] البعض يقول : العندية هنا عندية علم ، ولو كانت كذلك لم يقُلْ { وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } [ الواقعة : 85 ] فما دام قال { وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } [ الواقعة : 85 ] فهي عِنْدية حقيقية شائعة في كل مكان .