Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 44-44)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ } [ فصلت : 44 ] أي : القرآن وسُمِّي قرآناً لأنه يُقرأ أَعجمياً أي : بلغة الأعاجم وهم غير العرب كالإنجليزية والفرنسية وغيرها من اللغات غير العربية . { لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } [ فصلت : 44 ] يعني : جاءتْ بالعربية ذلك لأن التوراة نزلتْ بالعبرية وهي لغة سيدنا موسى - عليه السلام - وأصله ، فقال بعضهم : لولا كان القرآن باللغة العبرية مثل التوراة ، لكن النبي محمداً عربيُّ الأصل واللغة فنزل عليه القرآن بلغته ولغة قومه . فالحق سبحانه يُبيِّن أن القرآن لو نزل أعجمياً لطلبوا وتمنوا أنْ يكون عربياً ، لكن بصرف النظر عن اللغة التي نزل بها هو في ذاته هُدىً وشفاء { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ } [ فصلت : 44 ] أي : الذين لا يؤمنون به في آذانهم صمم ، فهم لا يسمعون السماع النافع المثمر { وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } [ فصلت : 44 ] يعني : ظلمة وشبهات يتخبَّطون فيها . إذن : فالقرآن واحد لكن النتيجة مختلفة ، لأن استقبال القرآن يختلف باختلاف نية المستقبل ، فالذي يسمعه بأذن واعية وقلب صَافٍ غير مشغول بنقيضه يجده هُدًى ، ويجده شفاءً ، والذي سمعه باستكبار وقلب غير مُهيىءٍ للإيمان يجده عَمىً ، والأعمى يتخبط لا يدري أين يتجه . فهذا يقرأ القرآن أو يسمعه فلا يفهمه ولا يتأثر به ، وهؤلاء قال الله فيهم : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً } [ محمد : 16 ] . وسبق أن أوضحنا نظرية الفاعل والقابل ، فالفاعل يقوم بالفعل والقابل يتأثر به ، ففَرْق بين الفلاَّح الذي يضرب الأرض بفأسه وبين مَنْ يضرب بها صخرة مثلاً ، الأرض تنفعل للفأس وتتأثر بها وتثمر وتنتج ، أما الصخرة فلا تقبل ولا تتأثر . إذن : لا تحكم على الشيء إلا إذا حدث هذا التفاعل بين الفاعل والقابل ، تذكرون أننا ضربنا مثلاً في هذه المسألة بكوب الشاي الساخن ننفخ فيه ليبرد ، وتنفخ في يديك لتُدفئها ، فالنفخة واحدة لكن الأثر مختلفٌ لاختلاف القابل . وقوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 44 ] لأنهم سمعوا فلم يتأثروا به ، شبَّههم الله بمَنْ ينادَى من بعيد فلا يَسْمع .