Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 45-45)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القرآن هنا يقصّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفاً من قصة سيدنا موسى - عليه السلام - ، وهذا من ضمن { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } [ فصلت : 43 ] وموسى من الرسل الذين تحملوا العنت والعناد وأتعبه قومه ، فقصَّته هنا تسلية لرسول الله { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ } [ فصلت : 45 ] أي : التوراة { فَٱخْتُلِفَ فِيهِ } [ فصلت : 45 ] أي : كانت مجالاً لاختلافهم ، فمنهم مَنْ حرَّفها ، ومنهم مَنْ نسي بعضها ، ومنهم مَنْ كتب الكتاب من عنده . وقال : هذا من عند الله . { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } [ فصلت : 45 ] أي : سبقتْ كلمة الله وحكمة بنهاية عذاب الاستئصال الذي يأخذ المكذِّبين جملة ، كما رأينا في عاد وثمود وقوم نوح وقوم لوط ، أما هذه الأمة فلن يأخذها الله بمثل هذا في الدنيا ، بل يُؤخِّر لها الجزاء إلى يوم القيامة . { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } [ فصلت : 45 ] أي : في الدنيا كما فعل بالأمم السابقة ممَّنْ كذَّب الرسل وإنهم أي : قومك يا محمد { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } [ فصلت : 45 ] يعني : تردد يأخذهم إلى القلق والريبة . والشكُّ نسبة من النِّسب السِّت المعروفة التي تعتري الأحداث : أولها : العلم وهو أن يكون عندك قضية واقعة وأنت مقتنع بها وتستطيع أنْ تقدم عليها الدليل . ثم التقليد : وهو أن يكون لديك قضية واقعة يعني مطابقة للواقع وأنت مقتنع بها ، لكن لا تستطيع أنْ تُقدم الدليل عليها ، مثل الطفل الصغير نُلقِّنه مثلاً أن الله واحد فيؤمن بها لثقته في والده الذي يلقنه ، لأنه يعلم أن والده يريد له الخير ولا يُعلِّمه إلا الصواب ، لكن الوالد لا يستطيع أن يقيم الدليل على أن الله واحد . ثم الجهل : وهو أن يكون عندك قضية غير مطابقة للواقع وأنت مقتنع بها . لذلك قلنا في هذه المسألة : إن الجاهل أشقُّ على مُعلِّمه من الأُميِّ لأن الجاهل عنده قضية باطلة كاذبة وهو مؤمن بها فيحتاج منك مجهوداً مرتين : مرة لتخرجه من جهله ، ومرة لتقنعه بالصواب . أما الأمي فهو خالي الذهن ليس عنده قضية ما يدافع عنها ، لذلك تراه طيِّعاً يقبل ما يُلْقَى إليه دون أنْ يجادل . ثم بعد ذلك الشك ، وهو أن يكون لديك قضية واقعة لكن يقينك بها مُساوٍ لشكِّك فيها ، فأنت غير متأكد منها ، ثم إنْ كان الثبوت والتأكيد أوضحَ فهو الظن ، وإنْ كان الشكُّ أوضحَ من اليقين فهو الوهم . فقوله تعالى : { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } [ فصلت : 45 ] يعني : لم يصلوا إلى درجة العلم ، ولا درجة التقليد ، ولا درجة الجهل .