Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 16-16)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني : اذكروا هذا اليوم ولا تغفلوا عنه { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } [ الدخان : 16 ] البطش : الأخْذ بقوة والضربة القوية التي تستوعب كلَّ جوارح الجسم ولا تبالي على أيِّ عضو وقعتْ ، نقول : فلان بطش بفلان يعني : ضربه بقسوة وعنف دون أنْ يراعي على أيِّ عضو وقع الضرب ، وبعد هذا الوصف سماها الكبرى تأكيداً على قسوتها وشدَّتها على الكافرين . { إِنَّا مُنتَقِمُونَ } [ الدخان : 16 ] والانتقام يدل على التكافؤ ، فالبطشة ليستْ اعتداءً منا ، بل جزاءَ ما قدَّمتم من تكذيب وإيذاء لرسول الله . فالبطشة إذن جزاءٌ من جنس العمل ، ولولا هذه البطشة لم تتحقق عدالة السماء بين المؤمنين والكافرين ، ولكانتْ مساواة بين المؤمنين الذين تحمَّلوا الإيذاء والعَنت والاضطهاد ، وبين الكافرين الظالمين المعتدين . كان لا بدَّ أنْ تحدثَ هذه البطشةُ بالكافرين ليرى المؤمنون ثمرةَ إيمانهم ، وكيف أن الله نجَّاهم بالإيمان فيفرحون ، ويرى الكافرون ثمرةَ كفرهم وعنادهم فيتحسَّرون ويندمون ويتألمون . وفي أكثر من موضع حكى لنا القرآن الكريم حواراً بين أهل الجنة وأهل النار يُوضِّح فرح المؤمنين وندم الكافرين وتحسُّرهم : { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ الأعراف : 50 ] . فقوله تعالى { إِنَّا مُنتَقِمُونَ } [ الدخان : 16 ] إشارة إلى عدالة السماء وكأن الله تعالى يقول لهم : لا تلومونا على أنْ أخذناكم هذه الأخْذةَ ، فأنتم صَنْعتنا ، ونحن أرأفُ بكم من الوالدة بولدها ، لكن لا بدَّ من الانتقام لتستوي الكفة ، وحتى لا تكون فتنةٌ .