Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 11-11)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هَـٰذَا … } [ الجاثية : 11 ] إشارة إلى الهدى ، وهو المنهج الذي جاء به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القرآن ، والهدى هو الذي يهديك يعني يدلُّك على الطريق الموصِّل للغاية من أقرب الطرق وأسهلها وأكثرها أمناً دون مشقة على النفس . وفي أول سورة البقرة { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ … } [ البقرة : 5 ] فكأن الهدى مركب يحملك إلى غايتك ، ودابة تسير بك حتى تنجيك . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِ رَبِّهِمْ … } [ الجاثية : 11 ] قال ربهم مع أنهم كافرون به ، لأنه تعالى رَبُّ يتودَّد إليهم حتى مع كفرهم وجحودهم ، وهذا كما قلنا عطاء الربوبية الذي لا يُفرِّق بين مؤمن وكافر فيعطي الكل ويتحنَّن إلى الجميع ، فهم جميعاً عباده وصَنْعته . { لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } [ الجاثية : 11 ] مرة يقول : عذاب أليم ، ومرة { لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } [ الجاثية : 11 ] والرجز هو أشد ألوان العذاب ، والعذاب إيلام الحيِّ . وكلمة العذاب هذه حَلَّتْ كثيراً من الإشكالات بين العلماء ، حيث قال البعض : إنه لا يوجد رَجْم في القرآن إنما يوجد الجَلْد ، واستدلوا بقوله تعالى في الأمة : { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ … } [ النساء : 25 ] . الكلام هنا على الحد يُقام على الحرَّة وعلى الأَمَة ، معنى المحصنات يعني : الحرائر ، فقالوا : إن الرجم لا يُنصِّف والذي يُنصِّف هو الجَلْد ، تُجلد هذه مائة ، وهذه خمسين ، وما دام الرجم لا يُنصَّف . إذن : في الآية كلام . ونقول : قد يكون كلامهم صحيحاً إذا قال تعالى { نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ … } [ النساء : 25 ] وسكت ولكنه قال بعدها { مِنَ ٱلْعَذَابِ … } [ النساء : 25 ] والعذاب إيلامُ الحيِّ ولكن الرجم إماتة . إذن : إيلامُ الحيِّ في أنْ يُجلد ، إنما الرجم يذهب بالحياة فلا تتعذب . بدليل أن الحق سبحانه لما تكلم عن هدهد سيدنا سليمان - عليه السلام - قال : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ … } [ النمل : 21 ] إذن : العذاب غير الذبح . ومعنى { كَفَرُواْ بِآيَٰتِ رَبِّهِمْ … } [ الجاثية : 11 ] يعني : ستروها وجحدوها ، إذن : هي موجودة لكنهم أخفوْهَا ، ومثله كفروا بالله يعني : ستروا وجوده سبحانه ، فالسَّتْر لا يكون إلا لموجود أولاً ثم يُستر ، فكأن الإيمانَ موجودٌ وأصله في النفس ، ثم يأتي الكفر فيستره .