Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 17-17)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { زَادَهُمْ هُدًى … } [ محمد : 17 ] أي : بالتوفيق وبالمعونة على الطاعة { وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] فكأن التقوى هي التي تأتي إليهم لا يذهبون هم إليها ، يسَّرها لهم وحبَّبها إليهم ، في حين أن البعض يظن أن التكليف مشقة على النفس وقيْد يقيدها لكن أبداً ؟ المتأمل يجد في التكليف راحة وطمأنينة للنفس والبال ، التكليف عصمة للنفس ووقاية لها من المعاطب ، لذلك أقرأ مثلاً : { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ … } [ البقرة : 5 ] . ومعنى { عَلَىٰ هُدًى … } [ البقرة : 5 ] أن الهدى مطيَّتهم إلى الغاية التي يقصدونها ، فهو ليس عبئاً على العبد لأن الخالق سبحانه لم يكلفنا أبداً ما لا نطيق ، وما استعبدنا إلا لمصلحتنا نحن في استقامة الدنيا وسلامة الآخرة . لذلك قلنا : إن العبودية لغير الله ذل وهوان ، والعبودية لله عزّ وشرف ، فالعبودية للبشر تعطي السيد خير عبده لكن العبودية لله تعطيك خير الله . حين يفهم العبدُ العبادةَ بهذا المعنى يحبها ويتشوَّق إليها ويجد فيها لذة لا تُدانيها لذة ، لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال مؤذنه : " أرحنا بها يا بلال " أي : بالصلاة ، فكم هي سهلة خفيفة على قلب المؤمن ، وكم هي ثقيلة على قلب المنافق . إذن : من الهدى أنْ تصلي كما يصلي عامة الناس ، ومن زيادة الهدى أنْ تتشوق للصلاة وتنتظرها وتجد فيها راحتك ، لأنك في حضرة ربك عز وجل ، والله غيْب ويصلح عبده أيضاً بالغيب ، فالصلاة تصلحك وتصلح حالك من حيث لا تدري . ومن ثمرات التقوى قوله تعالى : { يِٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } [ الأنفال : 29 ] . فمنْ يتقي الله بموجب الفرقان الذي جاءه من الله وهو القرآن يزيده ، بأنْ يجعل له هو فرقاناً آخر خاصاً به ، فرقاناً يهديه وينير له الطريق ويُميز به بين الأشياء . إذن : ما عليك في مسألة التقوى إلا أنْ تسير إليها تقصدها لتفعل وتطيع ، ثم ستجدها هي التي تسعى إليك وتطلبك .