Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 15-15)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الحق سبحانه يريد أنْ يوضح لهم معنى الإيمان ، وأنه ليس كلمة تُقال ، إنما عقيدة راسخة لا يداخلها شكّ ولا ارتياب { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ … } [ الحجرات : 15 ] آمنوا بالله وبوحدانيته ، وأنه سبحانه وحده الخالق الرازق المدبر لشئون هذا الكون ، آمنوا بأسماء الله وصفاته ، كذلك آمنوا برسول الله ، وأنه أمين صادق في البلاغ عن الله ، ثم لم يرتابوا ولم يشكّوا في شيء من هذا . ومن صفات المؤمنين أيضاً { وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ … } [ الحجرات : 15 ] وهل هناك أدلّ على صدق الإيمان والإخلاص فيه من أنك تجود بنفسك في سبيل هذا الإيمان ؟ لذلك قال { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ … } [ الحجرات : 15 ] أي : المؤمنون حقّ الإيمان ، هذه صفاتهم ، ثم في آخر الآية يصفهم بالصدق في إيمانهم . { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } [ الحجرات : 15 ] نعم صادقون في إيمانهم ، لأنهم ضحُّوا بأغلى وأعزّ ما يملك الإنسان بالمال ثم بالنفس ، والشهيد ما ضحى بنفسه وما قدَّم ماله إلا وهو على يقين من أنه سيجد عند الله أفضل مما ترك في الدنيا . لذلك يجزيه ربه بالحياة الباقية ، فلا يدركه موت بعد ذلك { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ آل عمران : 169 ] . أي : يعاملون معاملة أهل الجنة ، فيأكلون ويشربون ويتمتعون ، ولاحظ أن هذه الحياة وصفها الحق سبحانه بقوله : { أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ آل عمران : 169 ] لا عندك أنت . وهذا يعني أنك لو فتحتَ على شهيد قبره لن تجده حياً ، لأنه ليس حياً عندك ، إنماهو حيٌّ عند الله . وفي قوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } [ الحجرات : 15 ] تعريض بهؤلاء الذين كذبوا على الله وادَّعوا الإيمان ، كأنه يقول لهم : لقد آمن أولئك وصَدقوا في إيمانهم ، أما أنتم فكذَّبتم وتجاوزتم الحقيقة .