Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 119-119)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نعرف أن هناك صدقاً ينفع يوم القيامة وهو الصدق الموصول بصدق الدنيا . وهناك صدق لا ينفع يوم القيامة ومثال ذلك قول إبليس اللعين كما يحكي القرآن الكريم : { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } [ إبراهيم : 22 ] . مثل هذا الصدق لا ينفع أحداً لأن الآخرة ليست دار التكليف . لكن الصدق الموصول بصدق الدنيا هو قول عيسى عليه السلام : { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } [ المائدة : 116 ] . ولذلك يقول الله في الصدق الموصول : { هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } . ذلك أن صدق الصادقين يوم القيامة هو صدق موصول بصدقهم في زمن التكليف وهو الدنيا ويتلقون رضاء الله : { لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } وإن تساءل إنسان : كيف يرضى العبد عن ربه ؟ . نقول : إن العباد المؤمنين عندما يعاينون الجزاء المعد لهم في الآخرة يمتلئون بالحبور ويقولون : { ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ } [ الزمر : 74 ] . هذه الآية التي تتحدث عن يوم ينفع الصادقين صدقهم بقوله : { ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } كأن هناك فوزاً سطحياً ، وفوزاً عظيماً ، والفوز السطحي : هو ما يعطيه الإنسان لنفسه في دار التكليف من متعة قصيرة العمر والأجل فيبدو ظاهرياً وكأنه قد فاز ، وفي الحقيقة ليس هو الفوز العظيم لأن الندم سيعقبه ، وأي لذة يعقبها الندم ليست فوزاً لأن الدنيا بكل ما فيها من نعيم هو نعيم على قدر إمكانات الإنسان وتصوره ، وهو نعيم مهدد بشيئين أن يزول النعيم عن الإنسان ، وكثيراً ما رأينا منعمين زال عنهم النعيم ، أو أن يترك الإنسان هذا النعيم بالموت ، ونرى ذلك كثيراً . أما النعيم الذي هو الفوز العظيم فهو النعيم الموصول الذي لا يمنعه أحد ، ولا يقطعه شيء . ويختم الحق سبحانه سورة المائدة بقوله : { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ … } .