Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 132-132)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلِكُلٍّ } ، وجاءت بالتنوين أي لكلٍّ من الإِنس والجن درجات مما عملوا ، فكأن الأعمال تتفاوت فقد تكون في ظاهرها قوالب متحدة ، لكن التفاوت إنما ينشأ بكثرة العمل ، أو بإخلاص المقارف للعمل والمكتسب والفاعل له ، فهناك من يخلص بكل طاقته ، وهناك من يؤدي عمله بنصف إخلاص ، ومسألة الإِخلاص هذه لا تحددها لوائح ولا قوانين إنما يحددها الحق سبحانه وتعالى ، ولذلك يقول محمد صلى الله عليه وسلم مبلغاً عن رب العزة هذا الحديث القدسي : " الإِخلاصُ سر من سري استودعته قلب من أحببت من عبادي . " إذن فمقاييس الإِخلاص لا يعرفها إلا ربنا سبحانه وتعالى ، وعلى مقدار ذلك تكون الدرجات . وتكون الدرجات على مقدار ما يزيده العبد من جنس ما فرضه الله عليه فالحق قد فرض صلوات خمساً ، فيزيد العبد عشر ركعات في الليلة مثلاً . والله قد فرض الصيام شهراً ، فيصوم العبد يومي الاثنين والخميس . والذي يقف عند ما فرض الله يجازيه الله على إخلاصه في أداء ما عليه ، وحينما سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موقف الذي لا يؤدي إلا الفروض فقط ، قال له : " أفلح إن صدق " ، فالذي يزيد عما فرض الله من جنس ما فرض الله أشد فلاحاً . ولا يصل الإِنسان إلى المرتبة التي هي أشد فلاحاً إلا إذا كان في درجة أعلى ، وكلمة " درجات " تفيد العُلّو ، وكلمة " دركات " تفيد الهبوط ، والحق لا يغفل عن ظاهر وباطن كل عمل لأي عبد . ويقول سبحانه من بعد ذلك : { وَرَبُّكَ ٱلْغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحْمَةِ … } .