Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 135-135)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والقوم هم الجماعة ، وعادة يطلق على الرجال لأنهم أهل القيام للمهمات لأن الشأن والأصل في المرأة الستر والبيتوتة والاستقرار في البيت للقيام على أمره ورعايته . وحين تقرأ القرآن تجد كلمة " قوم " وتفهم أن المقصود منها الجماعة التي تجمعهم رابطة ، وأنها للرجال خاصة ، والمثال هو قول الحق : { لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ } [ الحجرات : 11 ] . وما دام قد جاء بمقابل " قوم " : " ولا نساء " ، فـ " قوم " هذه للرجال ومأخوذ منها " القيام للمهمات " ، ومأخوذ منها " القوامة " . ولذلك الشاعر يقول : @ ولا أدري ولست أخال أدري أقوم آل حصن أم نساء @@ يعني أرجال أم نساء . { قُلْ يَاقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ … } [ الأنعام : 135 ] . و " المكان " هو الحيز الذي يأخذه جسم الإِنسان فكل كائن له مكان ، إن وقف له مكان ، إن قعد له مكان ، والمكان هو المملوك والمخصص لك من الأرض ، فحين تقف في مكان لا يقدر آخر أن يقف فيه وأنت واقف ، بل يجب أن يزحزحك عنه ، وحين تزحزح من هو واقف ، فهو يروح إلى مكان ثانٍ ، ويمتنع التداخل بين اثنين في حيز لا يسع إلا واحداً ، وهذا أمر فطري فتجد الولد الصغير الذي لم يدرك أي شيء ويقدر أن يقف فقط ، ثم يريد أن يقعد على الكرسي الذي تجلس عليه أخته أو أخوه ، فقبل أن يقعد على الكرسي يشد من يجلس عليه لأنه يعرف بالفطرة أن اثنين لا يوجدان في حيز واحد . وترى ذلك أيضاً في غير الجرم المرئي ، فأنت حين تأتي بقارورة وتضعها في ماء لتمتلئ تسمع صوت الهواء الخارج منها في بقبقة لأن الماء لا يمكن أن يدخل إلا أن خرج الهواء ، ولأن المياه أكثف فهي تضغط ليخرج الهواء ، وهذا ما يؤكد عدم التداخل . أي لا يوجد شيئان اثنان في حيز واحد . ومكانتك هي الموقع الذي تستولي عليه ، ولذلك حتى في الجيوش وفي الحرب توضع الخطط من أسلحة مختلفة ، لتستولي على الأماكن . { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } هو قول موجه إلى الجماعة الذين عارضوا النبوة ووقفوا منها هذه المواقف ، فيقول لهم الحق تهديداً لهم وتيئيساً من أنهم لن يصلوا إلى النيل من رسول الله : اعملوا على قدر استطاعتكم من التمكن ، أو اثبتوا على ما أنتم عليه من الخلاف والمناهضة ، لماذا ؟ لأنه صلى الله عليه وسلم عامل أيضاً : فلن يكون ثباتكم مانعاً لي من العمل أنتم تعملون وأنا أعمل ، أنتم تعملون على طاقاتكم ، وأنا أعمل على طاقاتي الإِيمانية ومدد ربي الأعلى من الطاقة . { قُلْ يَاقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } [ الأنعام : 135 ] . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ } و " له " تعطي دلالة إلى أن الإِيمان ستكون عاقبة الدار لصالحه لأن الآخرين لن تكون لهم بل عليهم ، وساعة ترى " اللام " اعرف أن الأمر لهم لا عليهم . فكأن الظالمين إن تنلهم عاقبة فهي ليست لهم ، وإنما عاقبتهم عليهم ، ولن يفلح الظالمون . ويقول سبحانه من بعد ذلك : { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ … } .