Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 136-136)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهنا رجوع إلى الكلام عن الذين يناهضون منهج الله . و " ذرأ " أي خلق ، وبث ، ونشر ، والحرث يراد به الزرع ، وسمى الزرع حرثاً لأنه يأتي بالحرث ، و " الأنعام " وهي تتمثل في ثمانية أزواج في آية تأتي بعد ذلك ، وهي الأبل ، والبقر ، والضأن والمعز . { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } أي مما خلق ، وهم قد حرثوا فقط لأن الذي يزرع هو الله ، فسبحانه الذي أعطى للبذرة قوتها لتُربِّي لها جذراً ، وتمتص عناصر الغذاء من الأرض ، وهو الذي جاء بعناصر الأرض كلها ، وهو الذي جعل البذرة تتجه إلى العناصر الصالحة لها ، وتترك غير صالح بقانون { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } [ الأعلى : 2 - 3 ] . والذي صنعه الله الحرث وفي الأنعام تتخيلون أنكم تتصرفون فيه على رغم أنه هو الذي ذرأ وخلق . إنه - سبحانه - هو المتصرف . هم جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا : هذا لله " بزعمهم " وهذا لشركائنا ، أي جاءوا بالحرث وقسموه قسمين . وقالوا : هذا لله ، وهذا للأصنام . وكذلك قسموا الأنعام وجعلوا منها قسماً لله ، وقسماً لهم ، ألم يكن من العدل أن يقسم الذي خلق بدلاً من هذا الزعم منكم لأنكم أخذتم غير حقكم ، وياليتكم أنصفتم فنرضى بقسمتكم فيذهب القسم الذي لله للصدقات على الفقراء ، والذي للشركاء يذهب للأصنام وللسدنة الحجّاب عليها والخادمين والذين يضربون لكم الأقداح ، ياليتكم عرفتم العدل في القسمة بل إن ما صنعتموه هي قسمة ضيزى جائرة وظالمة ، لماذا ؟ . تأتي الإجابة من الحق : { فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ } [ الأنعام : 136 ] . أنتم قسمتم وقلتم : هذا لله وهذا لشركائنا . فاصدقوا مع أنفسكم في هذه النسبة ، لكنهم كانوا يسرقون حق الله ، وكان لهم في الهلاك تقسيم معين ، وفي الزيادة لهم تقسيم آخر . فإذا ما جاءت آفة للزرع وأهلكته أخذوا ما خصصوه لله وأعطوه للشركاء وقالوا : إن ربنا غني ! وبرغم أنكم قسمتم ولكنكم لم توفوا بالقسمة التي فرضتموها ورضيتم بها . وكذلك في الأنعام يقدرون عدداً من الأنعام ويقولون : هذه لله ، وتلك للشركاء ، فإن ماتت بهيمة منذورة للأصنام يعوضوها ويأخذوا بدلاً منها من القسم الذي نذروه لله وأيضاً لنفترض أن عيناً جارية ساحت فيها المياه لتروي الزرع المقسوم لله ، فأخذوا منها للأرض المزروعة للأصنام . إذن هي قسمة ضيزى من البداية ، وليتهم وفّوا بهذه القسمة ، وهكذا ساء حكمهم وفسد . ويقول الحق بعد ذلك : { وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ … } .