Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 39-39)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والصمم آفة تصيب الأذن فلا تسمع . والبكم آفة تصيب اللسان فلا ينطق . والبكم مرتبط بالصمم لأن الإنسان لا يتكلم إلا إذا سمع لأن اللغة بنت المحاكاة فالإنسان لا يتكلم إلا إذا سمع . إن البشر ينشأون في بيئات مختلفة اللغة ولا يتكلمون إلا باللغة التي نشأوا في بيئتها لأن اللغة ليست دماً ولا جنساً . بل اللغة سماع . وما تسمعه الأذن يحكيه اللسان . ولا يقرأ الإنسان إلا إذا سمع وعرف ارتباط ما يسمع بما يرى لذلك نعرف أن السمع هو المنفذ الأول للإدراك ، ولهذا كان الصمم قبل البكم . ولكن هل الإدراك مرتبط بالصمم والبكم فقط ؟ لا ، إن الإنسان يسمع أولاً ، ثم يرى ، ثم يتذوق ، ثم يشم ، ثم يلمس ، ثم تأتي له المعلومات العقلية . والمثال على ذلك أن كل إنسان يعرف أن النار محرقة ، وهو لم يعرف هذا إلا لأنه وجدها قد لمست كائناً وأحرقته . ومثال آخر : يتفق الناس على أن صوت العندليب جميل ، وهذا الاتفاق جاء من سماع الناس لصوت العندليب . إذن فالمعلومات العقلية تأتي نتيجة للمعلومات الحسية . { صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ } إنهم بلا قدرة أيضاً على إبصار الهداية من أي ناحية صم لا يسمعون لكلمة الحق ، وبكم لا ينطقون ، وفي ظلمات لا يهتدون إلى إدراكات الأشياء ولا إلى الإيمان . وكل ذلك مردود إلى المشيئة : { مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } لكن هل اقتحمت المشيئة على الناس وقهرتهم ؟ لا لأن الحق قال : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } [ غافر : 28 ] . وقال سبحانه أيضاً : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ البقرة : 258 ] إذن ، فبتقديمهم الظلم ، والفسق ، والكفر ، وقد فعلوا ذلك اختياراً فصار المرض واستقر في قلوبهم وزادهم الله مرضاً ، وهو سبحانه أغنى الأغنياء عن الشرك به ، فمن أشرك مع الله شيئاً فهو له . ويأتي من بعد ذلك أمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ … } .