Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 85-87)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } ولم يأت الحق بالثمانية عشر نبياً متتابعين بل قسمهم بحكمة ، فيقول : { وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } ولا يقتصر الأمر على هؤلاء بل يقول سبحانه : { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وأنت إن نظرت إلى هؤلاء الثمانية عشر نبياً المذكورين هنا ، ستجد أنهم من الخمسة والعشرين رسولاً الذين أمرنا بالإيمان بهم تفصيلا . وقد جمعوا في قول الناظم : @ في تلك حجتنا منهم ثمانية من بعد عشر ويبقى سبعة وهمو إدريس هود شعيب صالح وكذا ذو الكفل آدم بالمختار وقد ختموا @@ والحق سبحانه وتعالى لم يجعل من الأنبياء ملوكا إلا اثنين : داود وسليمان حتى يعطينا فكرة أن الله إذا أراد أن يقهر خلقاً على شيء لا يقدر عليه أحد يبعث مَلِكاً رسولاً لأن المَلِك لا يقدر عليه عبد لأنَّ القدرة معه ، والمجتمع آنذاك كان في حاجة إلى ملك يدير أمره ويضبط شأنه ، وسبحانه لا يريد الإيمان بالقوة والخوف والرهبوت إنما يريده بالاختيار ، ولذلك جعل أغلب الأنبياء ليسوا ملوكاً . وفي الحديث " أفملكا نبيا يجعلك أو عبداً رسولاً " فاختار أن يكون عبدا رسولا لأن الملك يأتي بسلطانه وبماله ، وقد يطغى . وأراد الحق أن يكون سليمان وداود من الأنبياء وهما ملكان ، وتتمثل فيهما القدرة وسعة الملك والسلطان . أمّا أيوب فقد أخذ زاوية أخرى من الزوايا وهي الابتلاء والصبر مع النبوة ، وكل نبي فيه قدر مشترك من النبوة ، وفيه تميّز شخصي . وكذلك يوسف أخذ الابتلاء أولاً ، ثم أخذ الملك والسلطان في النهاية . وموسى وهارون أخذ شهرة الاتْبَاع ، ونكاد لا نعرف من الأديان إلا اليهودية والنصرانية ، أما زكريا ويحيى وعيسى وإلياس فقد أخذوا ملكة الزهد . وأما إسماعيل واليسع ويونس ولوطاً فقد أخذوا ما زخرت به حياتهم من عظيم الفعال وكريم الخصال والسلوك القويم والقدوة الطيبة وبقي لهم الذكر الحسن . إذن فهناك زوايا متعددة للأنبياء . وعندما وقف العلماء عند " عيسى " هل يدخل في ذريتهم ، وجدوا من يستنبط ويقول : من ذريتهم من ناحية الأم . @ وإنما أمهات القوم أوعية مستحدثات وللأحساب آباء @@ والعنصر البشري في عيسى هو الأم . وبمثل هذا احتج أبو جعفر محمد الباقر أمام الحجاج حين قال له : أنتم تدعون أنكم من آل رسول الله ومن نسله ، مع أن رسول الله ليس له ذرية ! قال له الإمام الباقر رضي الله عنه : كأنك لم تقرأ القرآن . قال له : وأي شيء في القرآن ؟ قال اقرأ : " ومن ذريته … " إلى أن تقرأ : " وعيسى " فعيسى من ذرية نوح ، من أب أَمْ من أُمّ ؟ . قال له : من أُمّ . فقال له : نحن كذلك من ذرية محمد صلى الله عليه وسلم . ويقول الحق من بعد ذلك : { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ … } .