Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 94-94)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله الحق : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ } أي أن كلاًّ منكم يأتي إلى الله فرداً عما كان له في دنياه من مال أو ولد أو أتباع ، جاء كل منهم لله وليس معه الأصنام التي أدّعى أنها شركاء لله ، واتخذهم شفعاء له . و " فرادى " جمع " فرْدَان " أو " فريد " مثل " سكارى " جمع " سكران " و " أسارى " جمع " أسير " ، إنهم يأتون إلى الله زُمرا وجماعات ، ولكن كل منهم جاء منفرداً عما كان له في الدنيا من مال وأهل وولد وأتباع ، بدليل أنه قال : { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } . و " خوَّله " أي جعل له خَدَمًا من الأتباع ومن المريدين ، ومن المقَّدر والمضيَّق عليهم في الرزق ومن العائشين في نعمته ، جاء كل منهم منفردا عما له في الدنيا كما خلقكم الله أول مرة ، أي كما دخلتم في الدنيا ! { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الأنعام : 94 ] . وقوله الحق : " جئتمونا " أي كأن الإنسان الذي أذنب يكاد يقدم نفسه للعذاب معترفاً أنه يستحق هذا العذاب إقراراً منه بالذنب ، فكأن الإنسان يبلغ منه الحزن على ما فعله والتوبيخ لنفسه التي انصرفت عن الحق فيقول لنفسه : أنت تستحقين العذاب . { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 94 ] . " البيْن " هو ما يفصل أو ما يصل . فعندما نجد اثنين قاعدين وبينهما " بين " فهذا البين فاصل وواصل . فإن اعتبرته واصلاً ، أقول : تقطّع هذا ، أي وقع التقطع بينكما ، وانفصمت الروابط بينكم وتشتت جمعكم ، وإن كان البين فاصلا فقد وصلوا أنفسهم بالأصنام . وماذا كانت صلة هؤلاء بالأصنام التي يشركونها في العبادة ؟ كانوا يقدمون لها القرابين ، وغير ذلك . وهذه الأصنام وكل من جعلوه شريكا مع الله سيفر منهم يوم القيامة . وهكذا يتحقق قوله الحق : { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } . ويواصل سبحانه : { وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } ، و " ضلّ " أي تاه وغاب ، ما كنتم تبحثون عنهم فلا تجدونهم مصداقا لقوله الحق : { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } [ البقرة : 166 ] . ويقول الحق من بعد ذلك : { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ … } .