Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 109-109)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عرفنا أن الملأ هم القوم الذين يتصدرون المجالس ، ويملأونها أو الذين يملأون العيون هيبة ، والقلوب مهابة وهم هنا المقربون من فرعون . وكأنهم يملكون فكرة وعلماً عن السحر . وفي سورة الشعراء جاء القول الحق : { قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } [ الشعراء : 34 ] . إذن فهذه رواية جاءت بالقول من الملأ ، والآية الأخرى جاءت بالقول على لسان فرعون ، وليس في هذا أدنى تناقض ، ومن الجائز أن يقول فرعون : إنه ساحر ، وأيضاً أن يقول الملأ : إنه ساحر . وتتوارد الخواطر في أمر معلوم متفق عليه . وقد حدث مثل هذا في القرآن حينما نزلت آيات في خلق الإِنسان وتطوره بأن كان علقة فمضغة إلخ فقال كاتب الوحي بصوت مسموع : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [ المؤمنون : 14 ] . عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وافقت ربي في أربع : نزلت هذه الآية : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } الآية قلتُ أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } . " وعن زيد بن ثابت الأنصاري قال : أملى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } إلى قوله : { خَلْقاً آخَرَ } فقال معاذ : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له معاذ : مِمّ تضحك يا رسول الله ؟ فقال : " بها ختمت فتبارك الله أحسن الخالقين " . لقد جاءت الخواطر في الحالة المهيجة لأحاسيس الإِيمان لحظة نزول الوحي بمراحل خلق الإِنسان . فما الذي يمنع من توارد الخواطر فيجيء الخاطر عند فرعون وعند الملأ فيقول ويقولون ؟ أو يكون فرعون قد قالها وعلى عادة الأتباع والأذناب إذا قال سيدهم شيئاً كرروه . { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } [ الأعراف : 109 ] . ولم يصفوا فعل سيدنا موسى بأنه ساحر فقط بل بالغوا في ذلك وقالوا : إنه ساحر عليم . وأضافوا ما جاء على ألسنتهم بالقرآن في هذه السورة .