Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 24-24)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ونلتفت لنجد أن هناك أمراً قد سبق لإِبليس بالهبوط ، وهنا أمر آخر بالهبوط ، وبالله لو كانت جنة الخلود هي محل إقامتهما ، وآدم مخلوق لها ثم عصى ثم تاب لما خرجا منها أبداً . لكنه سبحانه أمر آدم بأن يهبط إلى الأرض التي جعله خليفة فيها ، ليباشر مهمة الخلافة في إطار التجربة التي وقعت له ، وعليه أن يحترم أمر الله في كل تكليف ، وأن يحترم نهي الله في كل تكليف ، وليحذر عداوة الشيطان فإنه سيوسوس له . وقد جرب ذلك بنفسه ، فلينزل مزوداً بالتجربة ، وليس له عذر من بعد ذلك . { قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } . والأمر هنا للجماعة ولم يقل لهما اهبطا . وفي آية ثانية قال : { قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً … } [ طه : 123 ] . وذلك لنعرف أن ورود القصة في أماكن متعددة جاء لتعطي لقطات كثيرة . والأمر هنا جاء بقوله : { ٱهْبِطُواْ } لأن الهبوط اشترك فيه الثلاثة آدم وحواء ، وإبليس … والعداوة مسبقة ولا ندعيها . العداوة بين طرفين : اثنان في طرف هما آدم وحواء ، وواحد في طرف هو إبليس . ويريد الحق لنا بيان الحقائق وأن المتكلم إله ، إنّ كل حرف عنده بميزان ولذلك نجده سبحانه يقول لنا : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ … } [ النساء : 82 ] . أي إياك أن تأخذ واجهة النص ، ولكن ابحث في خلفيات النص ، ولا تأخذ واجهة اللفظ ، بل انظر إلى ما وراء الألفاظ . { قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } [ الأعراف : 24 ] . وكلمة " عدو " تعني وجود صراع ، ومعارك سوف تقوم بين أولاد آدم بعضهم مع بعض ، أو تقع العداوة بينهم وبين أعدائهم من سكان الأرض من جن وغيرهم ، لكنها لمدة محدودة ، ولذلك قال : { وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } . أي أن لكم استقراراً في الأرض ومتاعاً إلى حين . وصراع صاحب الحق في الحق يجب أن يأخذه على أنه متاع في الدنيا ولا يأخذه على أنه معركة بلا جزاء ، لا ، فأنت تجاهد وتأخذ جزاء كبيراً على الجهاد وهذا متاع . ويقول الحق بعد ذلك : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا … } .