Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 4-4)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وساعة تسمع " كم " فاعرف أن المسألة خرجت عن العد بحيث تستوجب أن تستفهم عنها ، وهذا يدل على أمر كثير فوق العدد ، لكن عندما يكون العدد قليلاً فلا يستفهم عنه ، بل يُعْرَف . والقرية اسم للمكان المعد إعداداً خاصاً لمعيشة الناس فيه . وهل القرى هي التي تُهلك أم يُهلك من فيها ؟ . أوضح الحق أنها تأتي مرة ويراد منها المكان والمكين : أو يكون المراد بالقرية أهلها ، مثال ذلك قوله الحق في سورة يوسف : { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلّعِيْرَ … } [ يوسف : 82 ] . وبطبيعة الحال لن يسأل إنسان المكان أو المباني ، بل يسأل أهل القرية ، ولم يقل الحق : اسأل أهل القرية لأن المسئول عنه هو أمر بلغ من الصدق أن المكان يشهد مع المكين ، ومرة أخرى يوضح الحق أنه يدمر القرية بسكانها ومبانيها . { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا } . وأيهما يأتي أولاً : الإهلاك أم يأتي البأس أولاً فيهلك ؟ . الذي يأتي أولاً هو البأس فيهلك ، فمظاهر الكونيات في الأحداث لا يأتي أمرها ارتجالاً ، وإنما أمرها مسبق أزلاً ، وكأن الحق يقول هنا : وكم من قرية حكمنا أن نهلكها فجاءها بأسنا ليتحقق ما قلناه أزلاً ، أي أن تأتي الأحداث على وفق المرادات حتى ولو كان هناك اختيار للذي يتكلم عنه الحق . ونعلم أن القرية هي المكان ، وعلى ذلك فليس لها اختيار . وإن كان لمن يتحدث عنه الله حق الاختيار ، فسبحانه يعلم أزلاً أنه سيفعل ما يتحدث عنه سبحانه . ويأتي به في قرآن يتلى ليأتي السلوك موافقاً ما أخبر به الله . { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } [ الأعراف : 4 ] . والبأس هو القوة التي لا ترد ولا تقهر ، و " بياتاً " أي بالليل ، { أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } أي في القيلولة . ولماذا يأتي البأس في البيات أو في القيلولة ؟ . ونجد في خبر عمّن أَهْلِكُوا مثل قوم لوط أنّه حدث لهم الهلاك بالليل ، وقوم شعيب حدث لهم الهلاك في القيلولة ، والبيات والقيلولة هما وقت الاسترخاء ووقت الراحة وتفاجئهم الأحداث فلا يستطيعون أن يستعدوا . { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } [ الصافات : 177 ] . أي يأتيهم الدمار في وقت هم نائمون فيه ، ولا قوة لهم لمواجهة البأس . { فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } [ الأعراف : 4 ] . وإذا قال سبحانه : { بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } فيصح أن لهذه القرية امتدادات ، ووقت القيلولة عند جماعة يختلف عن وقت من يسكن امتداد القرية ، فيكون الوقت عندهم ليلاً ، والقيلولة هي الوقت الذي ينامون فيه ظهراً للاسترخاء والراحة . ولكن كيف استقبلوا ساعة مجيء البأس الذي سيهلكهم ؟ . ويقول الحق سبحانه : { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ … } .