Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 6-6)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والحق يسأل الرسل بعد أن يجمعهم عن مدى تصديق أقوامهم لهم ، والسؤال إنما يأتي للإِقرار ، ومسألة السؤال وردت في القرآن بأساليب ظاهر أمرها أنها متعارضة ، والحقيقة أن جهاتها منفكة ، وهذا ما جعل خصوم القرآن يدعون أن القرآن فيه تضارب . فالحق سبحانه يقول : { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] . ويقول سبحانه أيضاً : { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [ المعارج : 10 ] . ويقول جل وعلا : { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [ القصص : 78 ] . ويقول سبحانه وتعالى : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] . ثم يقول هنا : { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الأعراف : 6 ] . وهذا ما يجعل بعض المستشرقين يندفعون إلى محاولة إظهار أن بالقرآن - والعياذ بالله - متناقضات . ونقول لكل منهم : أنت تأخذ القرآن بغير ملكة البيان في اللغة ، ولو أنك نظرت إلى أن القرآن قد استقبله قوم لسانهم عربي ، وهم باقون على كفرهم فلا يمكن أن يقال إنهم كانوا يجاملون ، ولو أنهم وجدوا هذا التناقض ، أَمَا كانوا يستطيعون أن يردوا دعوى محمد فيقولوا : أيكون القرآن معجزاً وهو متعارض ؟ ! لكن الكفار لم يقولوها ، مما يدل على أن ملكاتهم استقبلت القرآن بما يريده قائل القرآن . وفي أعرافنا نورد السؤال مرتين فمرة يسأل التلميذ أستاذه ليعلم ، ومرة يسأل الأستاذ تلميذه ليقرر . إذن فالسؤال يأتي لشيئين اثنين : إمَّا أن تسأل لتتعلم ، وهذا هو الاستفهام ، وإما أن تسأل لتقرر حتى تصبح الحجة ألزم للمسئول ، فإذا كان الله سيسأله ، أي يسأله سؤال إقرار ليكون أبلغ في الاحتجاج عليه ، وبعد ذلك يقولون : { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ * فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } [ الملك : 10 - 11 ] . وهذا اعتراف وإقرار منهم وهما سيدا الأدلة لأن كلام المقابل إنما يكون شهادة ، ولكن كلام المقر هو إقرار اعتراف . إذن إذا ورد إثبات السؤال فإنه سؤال التقرير من الله لتكون شهادة منهم على أنفسهم ، وهذا دليل أبلغ للحجة وقطع للسبل على الإِنكار . فإما أن يقر الإِنسان ، وإن لم يقر فستقول أبعاضه لأن الإِرادة انفكت عنها ، ولم يعد للإِنسان قهر عليها ، مصداقاً لقوله الحق : { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ … } [ فصلت : 21 ] . والحق هنا يقول : { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } . وهو سؤال للإِقرار . قال الله عنه : { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ … } [ المائدة : 109 ] . وحين يسأل الحق المرسلين ، وهم قد أدوا رسالتهم فيكون ذلك تقريعاً للمرسَل إليهم . ويقول الحق بعد ذلك : { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ … } .