Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 62-62)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فإذا أحسست أن مبادرة السلم التي يعرضونها عليك هي مجرد خديعة حتى يستعدوا لك ويفاجئوك بغدر ومكر ، فاعلم أن الله تعالى عليم بمكرهم ، وأنه سيكشفه لك ، وما دام الله معك فلن يستطيعوا خداعك ، وإذا أردت أن يطمئن قلبك فاذكر معركة بدر التي جاءك النصر فيها من الله تعالى وتمثلت أسبابه المرئية في استعداد المؤمنين للقتال ودخولهم المعركة . وتمثلت أسبابه غير المرئية في جنود لم يرها أحد ، وفي إلقاء الرعب في قلوب الكفار ، وكان النصر حليفك بمشيئة الله تعالى : والحق سبحانه وتعالى يقول : { وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ } [ الأنفال : 62 ] . والخداع هو إظهار الشيء المحبوب وإبطان الشيء المكروه ، وتقول : " فلان يخادعني " أي يأتي لي بشيء أحبه ، ويبطن لي ما أكرهه ، ولأن الخداع في إخفاء ما هو مكروه ، وإعلان ما هو محبوب ، فهل أنت يا محمد متروك لهم ، أم أن لك ربا هو سندك ، وهو الركن الركين الذي تأوي إليه ؟ . وتأتي الإجابة من الحق سبحانه وتعالى : { وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنفال : 62 ] . إذن فالله سبحانه وتعالى حسبك وسندك وهو يكفيك لأنه نصرك وآزرك . وأنت ترى أن هذه قضية دليلها معها ، فقد نصرك ببدر رغم قلة العدد والعُدد . والتأييد تمكين بقوة من الفعل ليؤدى على أكمل وجه وأحسن حال ، وما دام الله عز وجل هو الذي يؤيد فلا بد أن يأتي الفعل على أقوى توكيد ليؤدي المراد والغاية منه . ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك : { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ … } .