Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 20-20)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفي سورة الأنفال تصنيف آخر في قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [ الأنفال : 74 ] . وفي هذه الآية الكريمة من سورة الأنفال كان تصنيف المؤمنين بعد الهجرة مباشرة ، وانتهت الهجرة وأصبح الجميع سواء ، فجاء التصنيف الجامع في آية التوبة . لقد أوضح المولى سبحانه وتعالى أن هذه الأعمال لم تكن مقبولة من المشركين ، أما إن قام بها المؤمنون فلهم درجة عند الله . وفي هذه الآية الكريمة يصفهم الحق بأنهم { أَعْظَمُ دَرَجَةً } ، و { أَعْظَمُ } صيغة أفعل التفضيل ، وهي تعطي قدراً زائداً عن الأصل المعترف به ، فيقال : فلان أعلم من فلان . وبهذا يكون الشخص الثاني عالماً ، ولكن الشخص الأول أعلم منه . ويقال : فلان أكرم من فلان ، أي أن الموصوف الثاني كريم ، والموصوف الأول أكرم منه . والله سبحانه وتعالى أراد أن يبين لنا الفوز عنده ، فقال : { أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ } [ التوبة : 20 ] . فهؤلاء هم الذين يحصلون على أكبر الأجر عند الله تعالى ، وهم المؤمنون المهاجرون ، والمجاهدون بأموالهم وأنفسهم ، والفوز حكم يؤدي إلى أن تأخذ ما تحبه نفسك . فقال الحق موضحاً ما يفوزون به : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ } [ التوبة : 20 ] . وما دام هؤلاء هم الفائزون ، فالفوز إنما يكون في مضمارين اثنين . فالذين يصنعون أموراً خاصة بالدنيا قد يفوزون فيها بدرجة من النعيم ، ولكن نعيمهم على قدر إمكاناتهم وهو نعيم غير دائم لأنه إما أن يزول عنهم بذهاب النعمة ، وإما أن يزولوا هم عنه بالموت ، إذن فهو نعيم ناقص . أما الذي يؤمن ويهاجر ويجاهد ويعمل لآخرته ، فسوف يفوز بنعيم لا على قدر إمكاناته ، ولكن على قدر إمكانات الله ، ولا مقارنة بين إمكانات الله وإمكانات خلقه . وفوق ذلك فهو نعيم دائم لا يتركك فيزول عنك ، ولا تتركه لأنك في الجنة خالد لا تموت . ثم يذكر الحق بعد ذلك قوله تعالى : { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّٰتٍ … } .