Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 39-39)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : إن لم تذهبوا إلى القتال فإن الله ينذركم بالعذاب . وإذا أنذر الحق فلا بد أن يتحقق ما أنذر به ، فأنتم إن لم تنفروا مخافة العذاب المظنون ، وهو الإرهاق والتعب ، فما بالكم بالعذاب المحقق إن لم تنفذوا أمر الله بالنَّفْرة إلى القتال ؟ وإذا كانت المقارنة بين مشقة السفر والقتال والحر الشديد ، وبين عذاب الله ، فالمؤمن سوف يختار - بلا شك - مشقة الحرب مهما كانت لأن كل فعل إنما يكون بقياس فاعله ، فمظنة العذاب بالحر ، أو مشقة السفر ، وقسوة القتال لا يمكن قياسها بعذاب الله لأن العذاب الذي ينتظر مَنْ يتباطأ أو يفِرُّ من الزحف أكبر من مشقة الاستجابة للزحف مهما كانت مرهقة . ثم يقول الحق سبحانه : { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } إذن : فلا تظنوا أنكم بتباطئكم وعدم رغبتكم في القتال ستضرون الله شيئاً لأن الله قادر على أن يأتي بخلق جديد ، وهو على ذلك قدير ، لذلك يقول : { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه : { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } [ محمد : 38 ] . فلا تظنوا أنكم بما معكم من ثراء أو قوة قادرون على عرقلة منهج الله بالبخل أو التخاذل لأنه سبحانه قادر على أن يستبدلكم بقوم غيركم ، يملكون حمية القتال والتضحية في سبيل الله لأنه القادر فوق كل الخلق . وقوله سبحانه : { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } هو حيثية للأحكام التي سبقتها من قوله : { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً } وإن ظن واحد منهم أن هذا كلام نظري ، فالحق سبحانه يضرب لهم المثل العملي من الواقع الذي شاهدوه وعاصروه حينما اجتمع كفار قريش ليقتلوه فنصره الله عليهم ، فقال جل جلاله : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِ … } .