Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 73-73)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { شَيْئاً } : فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنه منصوبٌ على المصدرِ ، أي : لا يَمْلِكُ لهم مِلْكاً ، أي : شيئاً من المِلْك . والثاني : أنه بدلٌ مِنْ " رِزْقاً " ، أي : لا يَمْلِكُ لهم شيئاً . وهذا غيرُ مفيدٍ ؛ إذ من المعلومِ أنَّ الرزقَ شيءٌ من الأشياء ، ويؤيِّد ذلك : أنَّ البدلَ يأتي لأحدِ معنيين : البيانِ أو التأكيد ، وهذا ليس فيه بيانٌ ؛ لأنه أعمُّ ، ولا تأكيدَ . الثالث : أنه منصوبٌ بـ " رِزْقاً " على أنه اسمُ مصدرٍ ، واسمُ المصدرِ يعمل عملَ المصدرِ على خلافٍ في ذلك . ونقل مكيٌّ أن اسمَ المصدرِ لا يعملُ عند البصريين إلا في شعرٍ . قلت : وقد اختلفتِ النقلةُ / عند البصريين : فمنهم مَنْ نَقَلَ المَنْعَ ، ومنهم مَنْ نَقَلَ الجوازَ . وقد ذكر الفارسيُّ انتصابَه بـ " رِزْقاً " كما تقدَّم . ورَدَّ عليه ابنُ الطَّراوة بأن الرزْقَ اسم المرزوق كالرَّعْيِ والطَّحْن . ورُدَّ على ابنِ الطراوة : بأنَّ الرِّزْقَ بالكسرِ أيضاً مصدرٌ ، وقد سُمِعَ فيه ذلك . قلت : فظاهرُ هذا أنه مصدرٌ بنفسِه لا اسمُ مصدرٍ . وقوله : { مِّنَ ٱلسَّمَاوَاتِ } فيه ثلاثةُ أوجهٍ : أحدُها : أنه متعلقٌ بـ " يملك " ، وذلك على الإِعرابين الأوَّلَيْنِ في نصبِ " شيئاً " . الثاني : أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ " رزقاً " . الثالث : أن يتعلَّقَ بنفس " رِزْقاً " إن جعلناه مصدراً . وقال ابن عطية : - بعد أن ذكر إعمالَ المصدرِ منوَّناً - " والمصدرُ يعمل مضافاً باتفاق ؛ لأنه في تقديرِ الانفصالِ ، ولا يَعْمَل إذ دخله الألفُ واللام ؛ لأنه قد تَوَغَّلَ في حالِ الأسماءِ ، وبَعُد عن الفعليَّة ، وتقدير الانفصالِ في الإِضافةِ حَسَّنَ عملَه ، وقد جاء عاملاً مع الألف واللام في قول الشَّاعر : @ 3005 - ضعيفُ النكايةِ أعداءَه … @@ [ وقوله ] : @ 3006 - … فلم أَنْكِلْ عن الضَرْبِ مِسْمَعا @@ قال الشيخ : " أمَّا قولُه " باتفاق " : إن عَنَى من البصريين فصحيحُ ، وإن عَنَى مِنَ النحويين فليس بصحيح ؛ إذ قد ذهب بعضُهم إلى أنه لا يعمل . فإن وُجِد بعده منصوبٌ أو مرفوعٌ قَدَّر له عاملاً . وأمَّا قولُه " في تقدير الانفصال " فليس كذلك ؛ لئلا تكون إضافتُه غيرَ محضةٍ ، كما قال به ابن الطراوة وابن بَرْهان . ومذهبُهما فاسدٌ ؛ لأنَّ هذا المصدرَ قد نُعِتَ وأُكِّد بالمعرفة . وقوله " لا يعمل " إلى آخره ناقَضَه بقولِه " وقد جاء عاملاً " إلى آخرِه . قلت : فغايةُ ما في هذا أنه نحا إلى أقوالٍ قال بها غيرُه . وأمَّا المناقضةُ فليست صحيحةً ؛ لأنه عَنَى أولاً أنه لا يَعْمل في السِّعَة ، وثانياً أنه قد جاء عاملاً في الضرورة ، ولذلك قيَّده فقال : " في قول الشاعر " . قوله : { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } يجوز في الجملة وجهان : العطفُ على صلةِ " ما " ، والإِخبارُ عنهم بنفيِ الاستطاعةِ على سبيلِ الاستئنافِ ، ويكون قد جَمَع الضميرَ العائدَ على " ما " باعتبارِ معناها ؛ إذ المرادُ بذلك آلهتُهم ، ويجوز أن يكونَ الضميرُ عائداً على العابدين .