Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 17-17)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله } : " أن يَعْمروا " اسم كان . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " مسجد الله " بالإِفراد / وهي تحملُ وجهين : أن يُراد به مسجدٌ بعينه ، وهو المسجد الحرام لقوله : { وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [ التوبة : 19 ] ، وأن يكون اسمَ جنسٍ فتندرجَ فيه سائرُ المساجد ، ويدخل المسجد الحرام دخولاً أَوَّلِيَّاً . وقرأ الباقون " مساجد " بالجمع ، وهي أيضاً محتملةٌ للأمرين . ووجه الجمع : إمَّا لأنَّ كلَّ بقعةٍ من المسجد الحرام يُقال لها مسجدٌ ، وإمَّا لأنه قبلةُ سائر المساجد ، فصَحَّ أن يُطْلَقَ عليه لفظُ الجمع لذلك . قوله : { شَاهِدِينَ } الجمهور على قراءته بالياء نصباً على الحال مِنْ فاعل " يَعْمُروا " . وقرأ زيد بن علي " شاهدون " بالواو رفعاً على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ ، والجملةُ حالٌ أيضاً . وقرأ ابن السَّمَيْفع " يُعْمِروا " بضم الياء وكسرِ الميم مِنْ أَعْمَرَ رباعياً ، والمعنى : أن يُعينوا على عمارته . قوله : { عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } الجمهورُ على " أنفسهم " جمعَ نَفْس . وقُرىء " أَنْفَسهم " بفتح الفاء ، ووجهُها أن يُراد بالأنْفَس وهو الأشرفُ الأجلُّ ، من النَّفاسة - رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم . قيل : لأنه ليس بَطْنٌ مِنْ بطون العرب إلا وله فيهم وِلدة . وهذا المعنى منقولٌ في تفسير قراءة الجمهور أيضاً ، وهو مع هذه القراءة أوضح . قوله : { وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } هذه جملةٌ مستأنفة ، و " في النار " متعلقٌ بالخبر ، وقُدِّم للاهتمام به ، ولأجل الفاصلة . وقال أبو البقاء : " أي : وهم خالدون في النار ، وقد وقع الظرفُ بين حرف العطف والمعطوف " . قلت : فيه نظرٌ من حيث إنه يُوهم أن هذه الجملةَ معطوفةٌ على ما قبلها عَطْفَ المفرد على مثله تقديراً ، وليس كذلك بل هي مستأنفةٌ ، وإذا كان مستأنفةً ، فلا يُقال فيها فَصَلَ الظرف بين حرف العطف والمعطوف ، وإنما ذلك في المتعاطَفْين المفردين أو في تأويلهما ، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في قوله تعالى : { رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً } [ البقرة : 201 ] وفي قوله : { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ } [ النساء : 58 ] . وقرأ زيد بن علي : " خالدين " بالياء نصباً على الحال من الضمير المستتر في : الجارِّ قبله ، لأنَّ الجارَّ صار خبراً كقولك : " في الدار زيد قاعداً " ، فقد رفع زيد بن علي " شاهدين " ، ونصب " خالدون عكسَ قراءةِ الجمهور فيهما .