Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 37-37)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ } : في " النسِيْء " قولان أحدهما : أنه مصدرٌ على فَعِيل مِنْ أَنْسَأ أي أخَّر ، كالنذير مِنْ أَنْذَر والنكير من أَنْكر . وهذا ظاهرُ قولِ الزمخشري فإنه قال : " النَّسيء تأخيرُ حرمةِ الشهرِ إلى شهر آخر " ، وحينئذٍ فالإِخبارُ عنه بقوله : " وزيادة " واضحٌ لا يَحْتاج إلى إضمار . وقال الطبري : النسيء بالهمز معناه الزيادة " . قلت : لأنه تأخير في المدة فيلزمُ منه الزيادة . الثاني : أنه فَعِيل بمعنى مَفْعول ، مِنْ نَسَأه أي أخَّره ، فهو منسوءٌ ، ثم حُوِّل مفعول إلى فعيل كما حُوِّل مفعول إلى فعيل ، وإلى ذلك نحا أبو حاتم والجوهري . وهذا القول رَدَّه الفارسي بأنه يكون المعنى : إنما المؤخَّر زيادة ، والمُؤَخَّر الشهر ولا يكون الشهرُ زيادةً في الكفر . وقد أجاب بعضهم عن هذا بأنه على حذف المضاف : إمَّا من الأول أي : إنما إنساءُ المُنْسَأ زيادة في الكفر ، وإمَّا من الثاني أي : إنما المُنْسَأ ذو زيادة . وقرأ الجمهور " النَّسيء " بهمزة بعد الياء . وقرأ ورش عن نافع " النَّسِيّ " بإبدال الهمزة ياءً وإدغام الياء فيها . ورُويت هذه عن أبي جعفر والزهري وحميد ، وذلك كما خَفَّفوا " برية " و " خطية " . وقرأ السلمي وطلحة والأشهب وشبل : " النَّسْء " بإسكان السين . وقرأ مجاهد والسلمي وطلحة أيضاً : " النَّسُوء " بزنة فَعُول بفتح الفاء ، وهو التأخير ، وفَعول في المصادر قليل ، قد تقدَّم منه أُلَيْفاظ في أوائل البقرة ، وتقدم في البقرة اشتقاقُ هذه المادة ، وهو هنا عبارةٌ عن تأخير بعض الشهور عن بعض قال : @ 2483 ألَسْنا الناسئينَ على مَعَدٍّ شهورَ الحِلِّ نجعلُها حَراما @@ وقال الآخر : @ 2484 نَسَؤُوا الشّهور بها وكانوا أهلَها مِنْ قبلِكم والعزُّ لم يتحوَّلِ @@ وقوله : { يُضَلُّ بِهِ } قرأ الأخوان وحفص : " يُضَلُّ " مبنياً للمفعول ، والباقون مبنياً للفاعل والموصول فاعل به . وقرأ ابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة ويعقوب وعمرو بن ميمون : " يُضِلُّ " مبنياً للفاعل مِنْ أضل . وفي الفاعل وجهان أحدهما : ضمير الباري تعالى أي : / يُضِلُّ الله الذين كفروا . والثاني : أن الفاعل " الذين كفروا " وعلى هذا فالمفعول محذوف أي : يُضل الذين كفروا أتباعهم . وقرأ أبو رجاء " يَضَلُّ " بفتح الياء والضاد ، وهي مِنْ ضَلِلْت بكسر اللام أضَلُّ بفتحها ، والأصل : أَضْلَلُ ، فنُقِلت فتحة اللام إلى الضاد لأجل الإِدغام . وقرأ النخعي والحسن في رواية محبوب : " نُضِلُّ " بضم نون العظمة و " الذين " مفعول ، وهذه تقوِّي أن الفاعل ضمير الله في قراءة ابن مسعود . قوله : { يُحِلُّونَهُ } فيه وجهان أحدهما : أن الجملةَ تفسيريةٌ للضلال . والثاني : أنها حاليةٌ . قوله : { لِّيُوَاطِئُواْ } في هذه اللامِ وجهان : أنها متعلقةٌ بيُحَرِّفونه . وهذا مقتضى مذهبِ البصريين فإنهم يُعْملون الثاني من المتنازعين . والثاني : أن يتعلَّقَ بيُحِلُّونه ، وهذا مقتضى مذهب الكوفيين فإنهم يُعْملون الأول لسَبْقِه . وقولُ مَنْ قال إنها متعلقةٌ بالفعلين معاً ، فإنما يعني من حيث المعنى لا اللفظ . وقرأ أبو جعفر " ليوطِيُوا " بكسر الطاء وضم الياء الصريحة . والصحيح أنه يَنْبغي أن يُقْرأ بضم الطاء وحذف الياء ؛ لأنه لمَّا أبدل الهمزةَ ياءً استثقل الضمةَ عليها فحذفها ، فالتقى ساكنان ، فحُذِفَت الياء وضُمَّت الطاء لتجانِسَ الواو . والمُواطأة : المُوافَقَةُ والاجتماع يقال : تواطَؤُوا على كذا أي : اجتمعوا عليه ، كأنه كل واحد يطأ حيث يطأ الآخر ، ومنه قولُه تعالى : { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً } [ المزمل : 6 ] ، وقُرىء وِطاءً . وسيأتي إن شاء الله . وقرأ الزهري " ليواطِيُّوا " بتشديدِ الياء . هكذا ترجموا قراءتَه وهي مشكلةٌ حتى قال بعضهم : " فإن لم يُرِدْ به شدة بيان الياء وتخليصها مِنَ الهمز دون التضعيف ، فلا أعرف وجهها " . وهو كما قال . قوله : " زُيِّنَ " الجمهورُ على " زُيِّن " مبنياً للمفعول ، والفاعلُ المحذوف هو الشيطان . وقرأ زيد بن علي ببنائه للفاعل وهو الشيطان أيضاً ، و " سوء " مفعوله .