Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-50)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المنَاسَبَة : لما أخبر تعالى عن حال الأشقياء الذين كفروا نعمة الله ، وطعنوا في القرآن فزعموا أنه أساطير الأولين ، وبيَّن ما يكونون عليه في الآخرة من الفضيحة والذل والهوان ، ذكر هنا ما أعده للمتقين من وجوه التكريم في دار النعيم ، ليظهر الفارق بين حال أهل السعادة وحال أهل الشقاوة ، وبين الأبرار والفجار على طريقة القرأن في المقارنة بين الفريقين . اللغَة : { ٱلزُّبُرِ } الكتب السماوية جمع زبُور من زبرت الكتاب إِذا كتبته { يَخْسِفَ } خسَف المكانُ خسوفاً إِذا ذهب وغاب في الأرض { يَتَفَيَّؤُاْ } يميل من جانب إِلى جانب ومنه قيل للظل فيءٌ لأنه يفيء أي يرجع من جهة إِلى أخرى { دَاخِرُونَ } صاغرون ذليلون ، والدخور الصغار والذل قال ذو الرمَّة : @ فلم يبْقَ إِلا داخِرٌ في مُخَيَّس ومنجَحِرٌ في غيرِ أرضكَ في جُحْر @@ التفسِير : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } أي قيل للفريق الثاني وهم أهل التقوى والإِيمان { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } أي ماذا أنزل ربكم على رسوله ؟ قالوا أنزل خيراً قال المفسرون : هذا كان في أيام الموسم يأتي الرجل مكة فيسأل المشركين عن محمد وأمره فيقولون : إِنه ساحر وكاهن وكذاب ، فيأتي المؤمنين ويسألهم عن محمد وعن ما أنزل الله عليه فيقولون : أنزل الله عليه الخير والهدى والقرآن ، قال تعالى بياناً لجزائهم الكريم { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } أي لهؤلاء المحسنين مكافأة في الدنيا بإِحسانهم { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ } أي وما ينالونه في الآخرة من ثواب الجنة خيرٌ وأعظم من دار الدنيا لفنائها وبقاء الآخرة { وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } أي ولنعم دار المتقين دار الآخرة وهي { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي جناتُ إِقامة { يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي يدخلون تلك الجنان التي تجري من بين أشجارها وقصورها الأنهار { لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ } أي لهم في تلك الجنات ما يشتهون بدون كدٍّ ولا تعب ، ولا انقطاعٍ ولا نَصب { كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ } أي مثل هذا الجزاء الكريم يجزي الله عباده المتقين لمحارمه ، المتمسكين بأوامره { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ } أي هم الذين تقبض الملائكةُ أرواحهم حال كونهم أبراراً ، قد تطهروا من دنس الشرك والمعاصي ، طيبةً نفوسهم بلقاء الله { يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ } أي تسلم عليهم الملائكة وتبشرهم بالجنة قال ابن عباس : الملائكة يأتونهم بالسلام من قِبل الله ، ويخبرونهم أنهم من أصحاب اليمين { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي هنيئاً لكم الجنة بما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ } عاد الكلام إِلى تقريع المشركين وتوبيخهم على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا والمعنى ما ينتظر هؤلاء إِلا أحد أمرين : إِما نزول الموت بهم ، أو حلول العذاب العاجل ، أو ليس في مصير المكذبين قبلهم عبرةٌ وغناء ؟ { كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي كذلك صنع من قبلهم من المجرمين حتى حلَّ بهم العذاب { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلـٰكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أي ما ظلمهم الله بتعذيبهم وإِهلاكهم ولكنْ ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ } أي أصابهم عقوبات كفرهم وجزاء أعمالهم الخبيثة { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي أحاط ونزل بهم جزاء استهزائهم وهو العذاب الأليم في دركات الجحيم { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } أي قال أهل الكفر والإِشراك وهم كفار قريش { لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلاۤ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } أي لو شاء الله ما عبدنا الأصنام لا نحن ولا آباؤنا ، ولا حرمنا ما حرمنا من البحائر والسوائب وغيرها ، قالوا هذا على سبيل الاستهزاء لا على سبيل الاعتقاد ، وغرضُهم أن إِشراكهم وتحريمهم لبعض الذبائح والأطعمة واقع بمشيئة الله ، فهو راضٍ به وهو حقٌّ وصواب { كَذٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي مثل هذا التكذيب والاستهزاء فعل من قبلهم من المجرمين ، واحتجوا مثل احتجاجهم الباطل ، وتناسوا كسبهم لكفرهم ومعاصيهم ، وأن كل ذلك كان بمحض اختيارهم بعد أن أنذرتهم رسلهم عذاب النار وغضب الجبار { فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ ٱلْمُبِينُ } أي ليس على الرسل إِلا التبليغ ، وأمَّا أمر الهداية والإِيمان فهو إِلى الله جلَّ وعلا { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } أي أرسلنا الرسل إِلى جميع الخلق بأن اعبدوا الله ووحّدوه ، واتركوا كل معبود دون الله كالشيطان والكاهن والصنم ، وكل من دعا إِلى الضلال { فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ } أي فمنهم من أرشده الله إِلى عبادته ودينه فآمن { وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلالَةُ } أي ومنهم من وجبت له الشقاوة والضلالة فكفر ، أعْلمَ تعالى أنه أرسل الرسل لتبليغ الناس دعوة الله فمنهم من استجاب فهداه الله ، ومنهم من كفر فأضلَّه الله { فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } أي سيروا يا معشر قريش في أكناف الأرض ثم انظروا ماذا حلَّ بالأمم المكذبين لعلكم تعتبرون ! { إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أي إِن تحرص يا محمد على هداية هؤلاء الكفار فاعلم أنه تعالى لا يخلق الهداية جبراً وقسراً فيمن يخلق فيه الضلالة بسوء اختياره { مَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } أي ليس لهم من ينقذهم من عذابه تعالى { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } أي حلف المشركون جاهدين في أيمانهم مبالغين في تغليظ اليمين بأن الله لا يبعث من يموت ، استبعدوا البعث ورأوه أمراً عسيراً بعد البِلى وتفرق الأشلاء والذرات ، قال تعالى رداً عليهم { بَلَىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً } أي بلى ليبعثنَّهم ، وعد بذلك وعداً قاطعاً لا بدَّ منه { وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون قدرة الله فينكرون البعث والنشور { لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } أي سيبعثهم ليكشف ضلالهم في إنكارهم البعث ، وليظهر لهم الحق فيما اختلفوا فيه ، وليحقق العدل وهو التمييز بين المطيع والعاصي ، وبين المحق والمبطل ، وبين الظالم والمظلوم { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ } أي وليعلم الجاحدون للبعث ، والمكذبون لوعد الله الحق أنهم كانوا كاذبين فيما يقولون { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } أي لا يحتاج الأمر إلى كبير جهد وعناء فإِنا نقول للشيء كنْ فيكون قال المفسرون : هذا تقريبٌ للأذهان ، والحقيقةُ أنه تعالى لو أراد شيئاً لكان بغير احتياج إِلى لفظ { كُنْ } { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } أي تركوا الأوطان والأهل والقرابة في شأن الله وابتغاء رضوانه من بعد ما عُذِّبُوا في الله قال القرطبي : هم صهيب وبلال وخبّاب وعمّار ، عذّبهم أهل مكة حتى قالوا لهم ما أرادوا ، فلما خلّوهم هاجروا إِلى المدينة { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } أي لنسكننهم داراً حسنة خيراً مما فقدوا قال ابن عباس : بوأهم الله المدينة فجعلها لهم دار هجرة { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي ثواب الآخر أعظم وأشرف وأكبر لو كان الناس يعلمون { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي هم الذين صبروا على الشدائد والمكاره ، فهجروا الأوطان ، وفارقوا الإِخوان ، واعتمدوا على الله وحده يبتغون أجره ومثوبته { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } أي وما أرسلنا من قبلك يا محمد إِلى الأمم الماضية إِلا بشراً نوحي إِليهم كما أوحينا إِليك قال المفسرون : أنكر مشركو قريش نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً ، فهلاَّ بعث إِلينا ملكاً فنزلت { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } أي اسألوا يا معشر قريش العلماء بالتوراة والإِنجيل يخبرونكم أن جميع الأنبياء كانوا بشراً إِن كنتم لا تعلمون ذلك { بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ } أي أرسلناهم بالحجج والبراهين الساطعة الدالة على صدقهم وبالزُبر أي الكتب المقدسة { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ } أي القرآن المذكّر الموقظ للقلوب الغافلة { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } أي لتعرّف الناس الأحكام ، والحلال والحرام { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي ولعلهم يتفكرون في هذا القرآن فيتعظون { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } أي هل أمن هؤلاء الكفار الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم واحتالوا لقتله في دار الندوة ، هل أمنوا أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون ؟ { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي يأتيهم العذاب بغتةً في حال أمنهم واستقرارهم ، من حيث لا يخطر ببالهم ومن جهةٍ لا يعلمون بها { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } أي يهلكهم في أثناء أسفارهم للتجارة واشتغالهم بالبيع والشراء فإِنهم على أي حال لا يعجزون الله { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } أي يهلكهم الله حال كونهم خائفين مترقبين لنزول العذاب قال ابن كثير : فإِنه يكون أبلغ وأشد فإِن حصول ما يتوقع مع الخوف شديدٌ { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } أي أولم يعتبر هؤلاء الكافرون ويروا آثار قدرة الله وأنه ما من شيء من الجبال والأشجار والأحجار ومن سائر ما خلق الله { يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ } أي تميل ظلالها من جانب إِلى جانب ساجدة للهِ سجود خضوعٍ لمشيئته تعالى وانقياد ، لا تخرج عن إِرادته ومشيئته { وَهُمْ دَاخِرُونَ } أي خاضعون صاغرون فكل هذه الأشياء منقادة لقدرة الله وتدبيره فكيف يتعالى ويتكبر على طاعته أولئك الكافرون ؟ { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي له تعالى وحده يخضع وينقاد جميع المخلوقات بما فيهم الملائكة فهم لا يستكبرون عن عبادته { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } أي يخافون جلال الله وعظمته ، ويمتثلون أوامره على الدوام . البَلاَغَة : تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي : 1 - الإِيجاز بالحذف { قَالُواْ خَيْراً } أي قالوا أنزل خيراً . 2 - الإِطناب في قوله { مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ … وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } . 3 - الطباق في { هَدَى ٱللَّهُ … وحَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلالَةُ } وفي { لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } وفي { ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ } . 4 - صيغة المبالغة في { لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } لأن فعول وفعيل من صيغ المبالغة . 5 - ذكر الخاص بعد العام في { يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ … وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } زيادةً في التعظيم والتكريم للملائكة الأطهار . 6 - السجع في { يَتَفَكَّرُونَ } ، { دَاخِرُونَ } ، { يَشْعُرُونَ } . فَائدَة : استنبط بعض العلماء من قوله تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } أن النبوة لا تكون إِلا في الرجال ، وأما النساء فليس فيهن نبيَّة ، وهو استنباط دقيق . تنبيه : قال ابن تيمية في منهاج السنة : " والاحتجاج بالقدر حجةٌ باطلة داحضة ، باتفاق كل ذي عقلٍ ودين من جميع العالمين ، ولهذا لما قال المشركون { لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا } [ الأنعام : 148 ] ردَّ الله عليهم بقوله { قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ } [ الأنعام : 148 ] والمشركون يعلمون بفطرتهم وعقولهم أن هذه الحجة باطلة ، فإِنَّ أحدهم لو ظلم الآخر ، أو أراد قتل ولده ، أو الزنى بزوجته ، أو كان مصراً على الظلم فنهاه الناس عن ذلك فقال : لو شاء الله لم أفعل هذا ، لم يقبلوا منه هذه الحجة ولا يقبلها هو من غيره ، وإِنما يحتج بها المحتج دفعاً للّوم عن نفسه بلا وجه … " .