Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 149-158)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المنَاسَبَة : لا تزال الآيات الكريمة تتناول سرد أحداث غزوة أُحد وما فيها من العظات والعبر ، فهي تتحدث عن أسباب الهزيمة وموقف المنافقين الفاضح في تلك الغزوة ، وتآمرهم على الدعوة الإِسلامية بتثبيط عزائم المؤمنين . اللغَة : { سُلْطَاناً } حجة وبرهاناً وأصله القوة ومنه قيل للوالي سلطان { مَثْوَىٰ } المثوى : المكان الذي يكون مقر الإِنسان ومأواه من قولهم ثوى بالمكان إِذا أقام فيه { تَحُسُّونَهُمْ } تقتلونهم قال الزجاج : الحسُّ الإِستئصال بالقتل وأصله الضرب على مكان الحس قال الشاعر : @ حسناهم بالسيف حساً فأصبحت بقيتهم قد شردوا وتبدّدوا @@ { تُصْعِدُونَ } الإِصعاد : الذهاب والإِبعاد في الأرض ، والفرق بينه وبين الصعود أن الإِصعاد يكون في مستوى من الأرض ، والصعود يكون في ارتفاع { لاَ تَلْوُونَ } أي لا تلتفتون إِلى أحد كما يفعل المنهزم وأصله من ليّ العنق للإِلتفات { أُخْرَاكُمْ } آخركم { أَثَابَكُمْ } جازاكم { أَمَنَةً } أمناً واطمئناناً { يَغْشَىٰ } يستر ويغطي { وَلِيُمَحِّصَ } التمحيص : التنقية وتخليص الشيء مما فيه من عيب { ٱسْتَزَلَّهُمُ } أوقعهم في الزلّة وهي الخطيئة { غُزًّى } جمع غازٍ وهو الخارج في سبيل الله . سَبَبُ النّزول : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى المدينة وقد أصيبوا بما أصيبوا يوم أُحد ، قال ناس من أصحابه : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر ؟ فأنزل الله { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ … إلى قوله مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا } يعني الرماة الذين فعلوا ما فعلوا يوم أُحد . التفسِير : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي إِن أطعتم الكفار والمنافقين فيما يأمرونكم به { يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } أي يردوكم إِلى الكفر { فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ } أي ترجعوا إِلى الخسران ، ولا خسران أعظم من أن تتبدلوا الكفر بالإِيمان قال ابن عباس : هم المنافقون قالوا للمؤمنين لما رجعوا من أُحد لو كان نبياً ما أصابه الذي أصابه فارجعوا إِلى إِِخوانكم { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ } بل للإِضراب أي ليسوا أنصاراً لكم حتى تطيعوهم بل الله ناصركم فأطيعوا أمره { وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ } أي هو سبحانه خير ناصر وخير معين فلا تستنصروا بغيره ، ثم بشر تعالى المؤمنين بإِلقاء الرعب في قلوب أعدائهم فقال { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } أي سنقذف في قلوبهم الخوف والفزع { بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } أي بسبب إِشراكهم بالله وعبادتهم معه آلهة أخرى من غير حجة ولا برهان { وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } أي مستقرهم النار { وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } أي بئس مقام الظالمين نار جهنم ، فهم في الدنيا مرعوبون وفي الآخرة معذبون وفي الحديث " نصرت بالرعب مسيرة شهر " { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } أي وفى الله لكم ما وعدكم به من النصر على عدوكم { إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ } أي تقتلونهم قتلاً ذريعاً وتحصدونهم بسيوفكم بإِرادة الله وحكمه { حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ } أي حتى إِذا جبنتم وضعفتم واختلفتم في أمر المقام في الجبل { وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ } أي عصيتم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن كان النصر حليفكم ، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع خمسين من الرماة فوق الجبل وأمرهم أن يدفعوا عن المسلمين وقال لهم : لا تبرحوا أماكنكم حتى ولو رأيتمونا تخطفتنا الطير ، فلما التقى الجيشان لم تقو خيل المشركين على الثبات بسبب السهام التي أخذتهم في جوههم من الرماة فانهزم المشركون ، فلما رأى الرماة ذلك قالوا : الغنيمة الغنيمةَ ونزلوا لجمع الأسلاب ، وثبت رئيسهم ومعه عشرة فجاءهم المشركون من خلف الجبل فقتلوا البقية من الرماة ونزلوا على المسلمين بسيوفهم من خلف ظهورهم فانقلب النصر إِلى هزيمة للمسلمين فذلك قوله تعالى { مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ } أي من بعد النصر { مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا } أي الغنيمة وهم الذين تركوا الجبل { وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } أي ثواب الله وهم العشرة الذين ثبتوا في مركزهم مع أميرهم " عبد الله بن جبير " ثم استشهدوا { ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ } أي ردكم بالهزيمة عن الكفار ليمتحن إِيمانكم { وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ } أي صفح عنكم مع العصيان ، وفيه إِعلام بأن الذنب كان يستحق أكثر مما نزل بهم لولا عفو الله عنهم ولهذا قال { وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي ذو منٍّ ونعمةٍ على المؤمنين في جميع الأوقات والأحوال { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } أي اذكروا يا معشر المؤمنين حين وليتم الأدبار تبعدون في الفرار ولا تلتفتون إِلى ما وراءكم ولا يقف واحد منكم لآخر { وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَاكُمْ } أي ومحمد صلى الله عليه وسلم يناديكم من وراءكم يقول " إِليَّ عبادَ الله ، إِليَّ عباد الله ، أنا رسول الله ، من يكرُّ فله الجنة " وأنتم تمعنون في الفرار { فَأَثَابَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ } أي جازاكم على صنيعكم غماً بسبب غمكم للرسول صلى الله عليه وسلم ومخالفتكم أمره { لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } أي لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة { وَلاَ مَآ أَصَابَكُمْ } أي من الهزيمة ، والغرض بيان الحكمة من الغم ، وهو أن ينسيهم الحزن على ما فاتهم وما أصابهم وذلك من رحمته تعالى بهم { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي يعلم المخلص من غيره { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً } وهذا امتنانٌ منه تعالى عليهم أي ثم أرسل عليكم بعد ذلك الغم الشديد النعاس للسكينة والطمأنينة ولتأمنوا على أنفسكم من عدوكم فالخائف لا ينام ، روى البخاري عن أنس أن أبا طلحة قال : " غشينا النعاسُ ونحن في مصافنا يوم أحد ، قال فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ، ويسقط وآخذه " ثم ذكر سبحانه أن تلك الأمنة لم تكن عامة بل كانت لأهل الإِخلاص ، وبقى أهل النفاق في خوف وفزع فقال { يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ } أي يغشى النوم فريقاً منكم وهم المؤمنون المخلصون { وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } أي وجماعة أخرى حملتهم أنفسهم على الهزيمة فلا رغبة لهم إِلاَّ نجاتها وهم المنافقون ، وكان السبب في ذلك توعد المشركين بالرجوع إِلى القتال ، فقعد المؤمنون متهيئين للحرب فأنزل الله عليهم الأمنة فناموا ، وأما المنافقون الذين أزعجهم الخوف بأن يرجع الكفار عليهم فقد طار النوم من أعينهم من الفزع والجزع { يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } أي يظنون بالله الظنون السيئة مثل ظنِّ أهل الجاهلية ، قال ابن كثير : وهكذا هؤلاء اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفيصلة ، وأن الإِسلام قد باد وأهله ، وهذا شأن أهل الريب والشك ، إِذا حصل أمر من الأمور الفظيعة ، تحصل لهم هذه الظنون الشنيعة { يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ } أي ليس لنا من الأمر شيء ، ولو كان لنا اختيار ما خرجنا لقتال { قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } أي قل يا محمد لأولئك المنافقين الأمر كله بيد الله يصرّفه كيف شاء { يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ } أي يبطنون في أنفسهم ما لا يظهرون لك { يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا } أي لو كان الاختيار لنا لم نخرج فلم نُقتل ولكن أكرهنا على الخروج ، وهذا تفسير لما يبطنونه قال الزبير : أُرسل علينا النوم ذلك اليوم وإِنّي لأسمع قول " معتّب بن قشير " والنعاس يغشاني يقول : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هٰهنا { قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ } أي قل لهم يا محمد لو لم تخرجوا من بيوتكم وفيكم من قدّر الله عليه القتل لخرج أولئك إِلى مصارعهم ، فَقَدرُ الله لا مناص منه ولا مفر { وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ } أي ليختبر ما في قلوبكم من الإِخلاص والنفاق { وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ } أي ولينقّي ما في قلوبكم ويطهّره فعل بكم ذلك { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي عالم بالسرائر مطّلع على الضمائر وما فيها خير أو شر ، ثم ذكر سبحانه الذين انهزموا يوم أُحد فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ } أي انهزموا منكم من المعركة { يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } أي جمع المسلمين وجمع المشركين { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } أي إِنما أزلهم الشيطان بوسوسته وأوقعهم في الخطيئة ببعض ما عملوا من الذنوب وهو مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم { وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } أي تجاوز عن عقوبتهم وصفح عنهم { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } أي واسع المغفرة حليم لا يعجل العقوبة لمن عصاه ، ثم نهى سبحانه عن الاقتداء بالمنافقين في أقوالهم وأفعالهم فقال { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي لا تكونوا كالمنافقين { وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي وقالوا لإِخوانهم من أهل النفاق إذا خرجوا في الأسفار والحروب { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } أو خرجوا غازين في سبيل الله { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } أي لو أقاموا عندنا ولم يخرجوا لما ماتوا ولا قتلوا ، قال تعالى ردّاً عليهم { لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ } أي قالوا ذلك ليصير ذلك الاعتقاد الفاسد حسرة في نفوسهم { وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } ردٌّ على قولهم واعتقادهم أي هو سبحانه المحيي المميت فلا يمنع الموت قعود { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي مطلع على أعمال العباد فيجازيهم عليها { وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي استشهدتم في الحرب والجهاد { أَوْ مُتُّمْ } أي جاءكم الموت وأنتم قاصدون قتالهم { لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أي ذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع حطامها الفاني { وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ } أي وسواء متم على فراشكم أو قتلتم في ساحة الحرب فإِن مرجعكم إِلى الله فيجازيكم بأعمالكم ، فآثروا ما يقربكم إِلى الله ويوجب لكم رضاه من الجهاد في سبيل الله والعمل بطاعته ، ولله در القائل حيث يقول : @ فإِن تكن الأبدان للموت أُنشئت فقتل امرئٍ بالسيف في الله أفضل @@ البَلاَغَة : 1 - { يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } أي يرجعوكم من الإِيمان إِلى الكفر وهو من باب الاستعارة وقد تقدم . 2 - بين لفظ { آمَنُوۤاْ } و { كَفَرُواْ } في الآية طباق وكذلك بين { يُخْفُونَ } و { يُبْدُونَ } وبين { فَاتَكُمْ } و { أَصَابَكُمْ } وهو من المحسنات البديعية . 3 - { وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } لم يقل وبئس مثواهم بل وضع الظاهر مكان الضمير للتغليظ وللإِشعار بأنهم ظالمون لوضعهم الشيء في غير موضعه والمخصوص بالذم محذوف أي بئس مثوى الظالمين النار أفاده أبو السعود . 4 - { ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } التنكير للتفخيم وقوله { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } دون عليهم فيه الإِظهار في موضع الإِضمار للتشريف والإِشعار بعلة الحكم . 5 - { يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ … ظَنَّ } بينهما جناس الاشتقاق وكذلك في { فَتَوَكَّلْ … ٱلْمُتَوَكِّلِينَ } [ آل عمران : 159 ] . 6 - { إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ } فيه استعارة تشبيهاً للمسافر في البر بالسابح الضارب في البحر . لأنه يضرب بأطرافه في غمرة الماء شقاً لها واستعانة على قطعها كذا في تلخيص البيان . فَائِدَة : من الذين ثبتوا في المعركة بأُحد الأسد المقدام " أنس بن النضر " عم أنس بن مالك ، فلما هزم المسلمون وأشاع المنافقون أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قتل قال : اللهم إِني أعتذر إِليك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين - وأبرأ إِليك مما فعل هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم بسيفه فلقيه " سعد بن معاذ " فقال : أين يا سعد ؟ والله إِني لأجد ريح الجنة دون أحد ، فمضى فقُتل ومثَّل به المشركون فلم يعرفه أحد إلا أخته عرفته من بنانه ورؤي وبه بضع وثمانون من طعنةٍ وضربةٍ ورميةٍ بسهم . فَائِدَة : روى ابن كثير عن ابن مسعود قال : إِن النساء كنَّ يوم أُحد خلف المسلمين يُجهزن على جرحى المشركين ، فلو حلفتُ يومئذٍ رجوت أن أبرّ أنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله { مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أُمروا به أُفرد النبي صلى الله عليه وسلم في تسعة وهو عاشرهم فلما أرهقوه قال : رحم الله رجلاً ردّهم عنا فلم يزل يقول ذلك حتى قتل سبعة منهم ، فنظروا فإِذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطيع أن تأكلها ، وحزن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً ، وصلى عليه يومئذٍ سبعين صلاة .