Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 27-54)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المنَاسَبَة : لما ذكر تعالى إنكار المشركين للقرآن والرسالة والحشر والنشر ، وأعقبها بذكر قصة داود تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام ، ذكر هنا بعض البراهين على البعث والنشور ، ثم بيَّن الحكمة من نزول القرآن ، ثم تابع الحديث عن قصة سليمان بن داود تتميماً وتكميلاً للهدف السامي من ذكر قصص القرآن . اللغَة : { ٱلأَلْبَابِ } العقول واحدها لبٌّ ، ولبُّ الشيء صفوته وخلاصته ولذلك سُمي العقل لُبّاً { ٱلصَّافِنَاتُ } الخيول الواقفة على ثلاثة قوائم وطرف حافر الرابعة جمع صافن قال الفراء : الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل أو غيرها قال الشاعر : @ تركنا الخيل عاكفةً عليه مُقلدة أعنَّتها صُفونا @@ { ٱلْجِيَادُ } السِّراع السَّوابق في العدو قال المبرد : الجياد جمع جواد وهو الشديد الجري كما أن الجواد من الناس هو السريع البذل { تَوَارَتْ } اختفت { رُخَآءً } لينة أو منقادة حيث أراد { ٱلأَصْفَادِ } سلاسل الحديد والأغلال واحدها صفد وفي الحديث : " صُفدت الشياطين " أي ربطت بالسلاسل قال الشاعر : @ فآبوا بالنِّهاب وبالسبايا وأُبنا بالمُلوك مصفَّدينا @@ { ضِغْثاً } الضغث : حزمة من الحشيش أو غيره مختلطة الرطب باليابس ، وأصله : الشيء المختلط ومنه " أضغاث أحلام " للرؤيا المختلطة . التفسِير : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً } أي ما خلقنا هذا الكون البديع بما فيه من المخلوقات العجيبة عبثاً وسُدى { ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي خلق ما ذكر لا لحكمة هو ظنُّ الكفار الفجار الذين لا يؤمنون بالبعث والنشور { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } أي فويلٌ للكفار من عذاب النار ، ثم وبخهم تعالى على هذا الظنِّ السيء فقال { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ } ؟ أي هل نجعل المؤمنين المصلحين كالكفرة المفسدين ؟ { أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } أي أم نجعل الأخيار الأبرار كالأشرار الفجار ؟ والغرض : أنه لا يتساوى في حكمته تعالى المحسن مع المسيء ، ولا البرُّ مع الفاجر ، ففي الآية استدلال على الحشر والجزاء ، وفيها أيضاً وعدٌ ووعيد قال ابن كثير : بيَّن تعالى أنه ليس من عدله وحكمته أن يساوي بين المؤمنين والكافرين ، وإذا كان الأمر كذلك فلا بدَّ من جزاء يُثاب فيها المطيع ، ويعاقب فيها الفاجر ، وقد دلت العقول السليمة على أنه لا بدَّ من جزاء ومعاد ، فإِنا نرى الظالم الباغي يزداد مالُه وولدُه ونعيمُه ويموت دون عقاب ، ونرى المطيع المظلوم يموت بكمده ، فلا بدَّ في حكمه الحكيم العليم إنصاف هذا من هذا ، وإِذا لم يقع هذا في هذه الدار ، فتعيَّن أن هناك داراً أُخرى لهذا الجزاء والمواساة وهي الدار الآخرة … ثم بيَّن تعالى الغاية من نزول القرآن وهي العمل والتفكر فقال { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ } أي هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك يا محمد كتابٌ عظيم جليل ، كثير الخيرات والمنافع الدينية والدنيوية { لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ } أي أنزلناه ليتدبروا آياته ويتفكروا بما فيها من الأسرار العجيبة ، والحكم الجليلة { وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } أي وليتعظ بهذا القرآن أصحاب العقول السليمة قال الحسن البصري : واللهِ ما تدبُّره بحفظ حروفه وإِضاعة حدوده ، حتى إنَّ أحدهم ليقول : واللهِ لقد قرأتُ القرآن فما أسقطتُ منه حرفاً ، وقد أسقطه واللهِ كلَّه ، ما يُرى للقرآن عليه أثرٌ في خُلُق ولا عمل . . اللهم اجعلنا ممن قرأه وتدبَّره وعمل بما فيه { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ } شروعٌ في بيان قصة سليمان بن داود عليهما السلام أي رزقنا عبدنا داود بالولد الصالح المسمَّى سليمان وأعطيناه النبوة قال المفسرون : المراد بالهبة هنا هبة النبوة كما قال تعالى { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } [ النمل : 16 ] أي في النبوة ، وإلا فقد كان له أولاد كثيرون غيره { نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } أي نعم العبدُ سليمان فإِنه كان كثير الرجوع إلى الله بالتوبة والإِنابة { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ } أي اذكر حين عُرض على سليمان عشية يوم من الأيام - أي بعد العصر - الخيل الواقفة على طرف الحافر ، السريعة الجري قال الرازي : وُصفت تلك الخيل بوصفين : الأول : الصفون وهو صفة دالة على فضيلة الفرس ، والثاني : الجياد وهي الشديدة الجري ، والمراد وصفها بالفضيلة والكمال في حالي الوقوف والحركة ، فإِذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها ، وإِذا جرت كانت سراعاً في جريها { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي } أي آثرت حبَّ الخيل حتى شغلتني عن ذكر الله قال المفسرون : عُرضت عليه آلاف من الخيل تركها له أبوه ، فأُجريت بين يديه عشياً فتشاغل بحسنها وجريها ومحبتها عن ذكرٍ له حتى غابت الشمس { حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } أي حتى غابت الشمس واختفت عن الأنظار { رُدُّوهَا عَلَيَّ } أي قال سليمان ردُّوا هذه الخيل عليَّ { فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } أي فشرع يذبحها ويقطع أرجلها تقرباً إلى الله ، لتكون طعاماً للفقراء لأنها شغلته عن ذكر الله قال الحسن : لما رُدَّت عليه قال : لا والله لا تشغليني عن طاعة ربي ثم أمر بها فعقرت وكذلك قال السدي ، وأما قول من قال : إنها شغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس فضعيف ، لأنه لا يتصور من نبيٍ أن يترك صلاة العصر من أجل اشتغاله بالدنيا ، والنصُّ صريح { عَن ذِكْرِ رَبِّي } { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ } هذه إشارة إلى ابتلاء آخر لسليمان ابتلي به ، ثم تاب وأناب من تلك الهفوة والزلة ، ولعلَّ هذه الفتنة ما روي في الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال سليمان : لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة ، كلُّ واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يقل : إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل ، والذي نفسي بيده : لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون " قال ابن كثير : " وقد أورد بعضُ المفسرين آثاراً كثيرة عن جماعةٍ من السلف ، وأكثرها أوكلُّها متلقاة من الإِسرائيليات ، وفي كثير منها نكارة شديدة " واختار الإِمام الفخر أن الفتنة المذكورة في الآية الكريمة يقصد بها فتنته في جسده ، حيث إن سليمان ابتلي بمرضٍ شديد نحل منه وضعف ، حتى صار لشدة المرض كأنه جسد ملقى على كرسي ، قال والعرب تقول في الضعيف : إنه لحم على وضم ، وجسم بلا روح ، ثم أناب أي رجع إلى حالة الصحة { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ } أي اغفر لي ما صدر مني وأعطني ملكاً واسعاً لا يكون لأحدٍ غيري ليكون دلالة على نبوتي { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } أي واسع الفضل كثير العطاء { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ } أي فذللنا الريح لطاعته إجابةً لدعوته { تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } أي تسير بأمره لينةً طيبة حيث قصد وأراد { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } أي وسخرنا له الشياطين كذلك تعمل بأمره ، منهم من يستخدمه لبناء الأبنية الهائلة العجيبة ، ومنهم من يغوص في البحار لاستخراج اللؤلؤ والمرجان { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } أي وآخرين من الشياطين - وهم المردة - موثوقون في الأغلال ، مربوطون بالقيود والسلاسل لكفرهم وتمردهم عن طاعة سليمان { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي وقلنا له : هذا عطاؤنا الواسع لك ، فأعطِ من شئت وامنعْ من شئت ، لا حساب عليك في ذلك ، لأنك مطلق اليد فيما وهب الله لك الواسع لك من سلطة ومن نعمة { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ } أي وإِنّ له عندنا لمكانة رفيعة في الدنيا ، وحسن مرجع في الآخرة { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ } هذه هي القصة الثالثة في هذه السورة ، والإِضافة للتشريف أي اذكر يا محمد عبدنا الصالح أيوب عليه السلام ، الذي ابتلي بأنواع البلاء فصبر . { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } أي حين نادى ربه متضرعاً إليه قائلاً إني مسني الشيطان بتعبٍ ومشقة ، وألمٍ شديد في بدني قال المفسريون : وإِنما نسبَ ذلك إلى الشيطان تأدباً مع الله تعالى ، وإنْ كانت الأشياء كلها خيرها وشرها من الله تعالى ، وكان أيوب قد أُصيب في ماله وأهله وبدنه ، وبقي في البلاء ثمان عشرة سنة ، وقد تقدمت قصته { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ } أي وقلنا له اضرب برجلك الأرض فضربها فنبعت له عين ماءٍ صافية { هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } أي وقلنا له هذا ماءٌ تغتسل به ، وشراب تشرب منه ، فاغتسل منها فذهب ما كان بظاهر جسده ، وشرب منها فذهب كل مرضٍ كان داخل جسده قال أبو حيان : { هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ } أي ما يُغتسل به { وَشَرَابٌ } أي ما يشرب منه ، فباغتسالك يبرأ ظاهرك ، وبشربك يبرأ باطنك ، والجمهور على أنه نبعت له عينان ، شرب من إحداهما واغتسل من الأُخرى فشفي { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } أي أحيا الله من مات من أولاده ورزقه مثلهم قال الرازي : الأقرب أن الله تعالى متعه بصحته وبماله وقوَّاه حتى كثر نسله وصار أهله ضعف ما كان وأضعاف ذلك وعن الحسن أنه أحياهم بعد أن هلكوا وقال أبو حيان : الجمهور على أنه تعالى أحيا له من مات من أهله ، وعافى المرضى ، وجمع عليه من شتت منهم { رَحْمَةً مِّنَّا } أي رحمةً منَّا به لصبره وإِخلاصه { وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } أي وعبرة لذوي العقول المستنيرة قال ابن كثير : أي وذكرى لذوي العقول ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ } أي وقلنا له خذْ بيدك حزمة من القضبان الرفيعة فاضرب بها زوجتك لتبرَّ بيمينك ولا تحنث قال المفسرون : كان أيوب قد حلف أن يضرب امرأته مائة سوطٍ إذا برىء من مرضه ، وسبب ذلك أنها كانت تخدمه في حالة مرضه ، فلما اشتد به البلاء وطالت به المدة وسوس إليها الشيطان : إلى متى تصبرين ؟ فجاءت إلى أيوب وفي نفسها الضجر فقالت له : إلى متى هذا البلاء ؟ فغضب من هذا الكلام وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة سوط ، فأمره الله أن يأخذ حزمةً من قضبانٍ خفيفة فيها مئة عود ويضربها بها ضربة واحدةً ويبرَّ في يمينه ، ورحمةً من الله به وبزوجه التي قامت على رعايته ، وصبرت على بلائه ، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه ولهذا قال تعالى { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً } أي ابتليناه فوجدناه صابراً على الضراء { نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } أي نعم العبد أيوب إنه كثير الرجوع إلى الله بالتوبة والإِنابة والعبادة { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } أي اذكر يا محمد هؤلاء الأنبياء الأخيار وتأسَّ بهم ، الذين جمعوا بين القوة في العبادة ، والبصائر في الدين قال الطبري : أي أهل القوة في عبادة الله ، وأهل العقول المبصرة { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } أي خصصناهم بخصلةٍ خالصة عظيمة الشأن ، هي عدم التفاتهم إلى الدنيا وتذكرهم للدار الباقية قال مجاهد : جعلناهم يعملون للآخرة ليس لهم همٌّ غيرها { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } أي وهم عندنا المختارون المجتبون على سائر الناس لأنهم أخيار أبرار { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ } أي واذكر يا محمد هؤلاء الرسل أيضاً وكلٌّ من خيرة الله فاقتد بهم في الصبر وتحمل الأذى في سبيل الله { هَـٰذَا ذِكْرٌ } أي هذا الذي قصصناه عليك يا محمد من سيرة الرسل الكرام ذكرٌ جميلٌ لهم في الدنيا ، وشرفٌ يذكرون به أبداً { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } أي وإِن لكل متقٍ لله مطيع لرسله لحسن مرجع ومنقلب ، ثم فسره بقوله { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } أي جنات إقامة في دار الخلد والنعيم قد فتحت لهم أبوابها انتظاراً لقدومهم قال الرازي : إن الملائكة الموكلين بالجنان إذا رأوا المؤمنين فتحوا لهم أبوابها ، وحيوهم بالسلام ، فيدخلون كذلك محفوفين بالملائكة على أعزَّ حال ، وأجمل هيئة { مُتَّكِئِينَ فِيهَا } أي متكئين في الجنة على الأرائك وهي السرر الوثيرة { يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } أي وهم متكئون على الأسرَّة يطلبون أنواع الفواكة ، وألوان الشراب كعادة الملوك في الدنيا قال ابن كثير : أي مهما طلبوا وجدوا ، ومن أي أنواعه شاءوا أتتهم به الخدام قال الصاوي : والاقتصار على دعاء الفاكهة للإِيذان بأن مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذي لأنه لا جوع في الجنة { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ } أي وعندهم الحور العين اللواتي لا ينظرن إلى غير أزواجهن أتراب أي في سنٍّ واحدة { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } أي هذا جزاؤكم الذي وعدتم به في الدنيا { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } أي هذا النعيم عطاؤنا لأهل الجنة لا زوال له ولا انقطاع ولا انتهاء أبداً قال في الظلال : يبدأ هذا المشهد بمنظرين متقابلين تمام التقابل في المجموع والأجزاء ، وفي السِّمات والهيئات : منظر المتقين لهم { حُسْنَ مَآبٍ } ومنظر الطاغين لهم { شَرُّ مَآبٍ } فأما الأولون فلهم جنات عدن مفتحةً لهم الأبواب ، ولهم فيها راحة الاتكاء ، ومتعة الطعام والشراب ، ولهم كذلك متعة الحوريات الشواب ، وهنَّ مع شبابهن { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } لا يتطلعن ولا يمددن بأبصارهن ، وكلهن شواب أتراب ، وهو متاع دائم ، ورزق من عند الله ما له من نفاد .