Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 1, Ayat: 6-6)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما تقدم الثناء على المسؤول تبارك وتعالى ناسب أن يعقب بالسؤال ، وهذا أكمل أحوال السائل أن يمدح مسؤوله ثم يسأل حاجته ، لأنه أنجح للحاجة ، وأنجع للإجابة ولهذا أرشد الله إليه لأنه الأكمل . والهداية هٰهنا : الإرشاد والتوفيق وقد تُعدَّى بنفسها { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ } وقد تعدى بإلى { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 23 ] وقد تُعدى باللام { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا } [ الأعراف : 43 ] أي وفقنا وجعلنا له أهلاً ، وأمّا { ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } فهو في لغة العرب : الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ، ثم تستعير العرب الصراط في كل قول وعمل وصف باستقامة أو اعوجاج ، واختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف في تفسير { ٱلصِّرَاطَ } وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد وهو ( المتابعة لله وللرسول ) ، فروي أنه كتاب الله ، وقيل : إنه الإسلام ، قال ابن عباس : هو دين الله الذي لا اعوجاج فيه ، وقال ابن الحنفية : هو دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره ، وقد فسّر الصراط بالإسلام في حديث ( النواس بن سمعان ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً ، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبوابٌ مفتَّحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داعٍ يقول : يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تعوجوا ، وداعٍ يدعوا من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال : ويْحك لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجْه ، فالصراط الإسلام ، والسوران حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم " وقال مجاهد : الصراط المستقيم : الحق ، وهذا أشمل ولا منافاة بينه وبين ما تقدم ، قال ابن جرير رحمه الله : والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي أن يكون معنياً به وفقنا للثبات على ما ارتضيته ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك من قول وعمل ، وذلك هو الصراط المستقيم لأن من وُفِّق لما وفِّق له من أنعم عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين فقد وفّق للإسلام . ( فإن قيل ) : فكيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وهو متصف بذلك ؟ فالجواب : أن العبد مفتقر في كل ساعةٍ وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها واستمراره عليها ، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونه والثبات والتوفيق ، فقد أمر تعالى الذين آمنوا بالإيمان : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } [ النساء : 136 ] ، والمراد الثباتُ والمداومةُ على الأعمال المعينة على ذلك والله أعلم .