Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 9-12)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا إخبار من الله تعالى عن قصة أصحاب الكهف { أَمْ حَسِبْتَ } يعني يا محمد { أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } أي ليس أمرهم عجيباً في قدرتنا وسلطاننا فإن خلق السماوات والأرض وتسخير الشمس والقمر وغير ذلك من الآيات العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى ؛ وأنه على ما يشاء قادر ، ولا يعجزه شيء - أعجب من أخبار أصحاف الكهف ، كما قال مجاهد : قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك ، وقال ابن عباس : الذي آتيتك من العلم والسنّة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم ، وقال محمد بن إسحاق : ما أظهرت من حججي على العباد أعجب من شأن أصحاب الكهف والرقيم ، وأما الكهف : فهو الغار في الجبل ، وهو الذي لجأ إليه هؤلاء الفتية المذكورون ، وأما الرقيم : فقال ابن عباس : هو واد قريب من أيلة . وقال الضحّاك : أما الكهف فهو غار الوادي ، والرقيم اسم الوادي ، وقال مجاهد : الرقيم كتاب بنيانهم ، ويقول بعضهم هو الوادي الذي فيه كهفهم . وقال ابن عباس : الرقيم الجبل الذي فيه الكهف ، وقال سعيد بن جبير : الرقيم لوح من حجارة كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف ، وقال عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم : الرقيم الكتاب ، ثم قرأ { كتاب مرقوم } وهذا هو الظاهر من الآية وهو اختيار ابن جرير ، قال الرقيم فعيل بمعنى مرقوم ، كما يقال للمقتول قتيل وللمجروح جريح . والله أعلم . وقوله تعالى : { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } يخبر تعالى عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا منهم فلجأوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم ، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم : { رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } أي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا ، { وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } أي اجعل عاقبتنا رشداً ، كما جاء في الحديث : " وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشداً " وفي المسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو : " اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة " ، وقوله : { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } أي ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين كثيرة { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } أي من رقدتهم تلك ، وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعاماً يأكلونه كما سيأتي بيانه وتفصيله ، ولهذا قال : { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ } أي المختلفين فيهم { أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً } قيل : عدداً ، وقيل : غاية .