Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 24-26)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف المفسرون في المراد بذلك من هو ؟ فقال ابن عباس : { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } جبريل ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها ، أي ناداها من أسفل الوادي ، وقال مجاهد { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } قال : عيسى ابن مريم ، وقال الحسن : هو ابنها . قال : أو لم تسمع الله يقول { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } [ مريم : 29 ] ، وقوله { أَلاَّ تَحْزَنِي } أي ناداها قائلاً لا تحزني { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } ، عن البراء ابن عازب ، وعن ابن عباس : السري النهر ، وقال الضحّاك : هو النهر الصغير بالسريانية ، وقال قتادة : هو الجدول بلغة أهل الحجاز ، وقال السدي : هو النهر ، واختار هذا القول ابن جرير ، وقال آخرون : المراد بالسري عيسى عليه السلام . والقول الأول أظهر ، ولهذا قال بعده : { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } أي وخذي إليك بجذع النخلة ، قيل : كانت يابسة قاله ابن عباس ، وقيل : مثمرة ، والظاهر أنها كانت شجرة ، ولكن لم تكن في إبان ثمرها ، قاله وهب بن منبه : ولهذا امتن عليها بذلك بأن جعل عندها طعاماً وشراباً فقال : { تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً } أي طيبي نفساً ، ولهذا قال عمرو بن ميمون : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب ، ثم تلا هذه الآية الكريمة . وقوله تعالى : { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً } أي مهما رأيت من أحد ، { فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } ، المراد بهذا القول الإشارة إليه بذلك ، لا أن المراد به القول اللفظي ، لئلا ينافي { فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } ، قال أنَس بن مالك في قوله { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً } قال : صمتاً ، وكذا قال ابن عباس والضحّاك ، وفي رواية عن أنَس : صوماً وصمتاً ، والمراد أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام . روى ابن إسحاق ، عن حارثة قال : كنت عند ابن مسعود فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر فقال : ما شأنك ؟ قال أصحابه : حلف أن لا يكلم الناس اليوم . فقال عبد الله بن مسعود : كلم الناس وسلم عليهم ، فإن تلك امرأة علمت أن أحداً لا يصدقها ، أنها حملت من غير زوج ، يعني بذلك مريم عليها السلام ، ليكون عذراً لها إذا سئلت . وقال عبد الرحمٰن بن زيد : لما قال عيسى لمريم { لاَّ تَحْزَنِي } قالت : وكيف لا أحزن وأنت معي لا ذات زوج ولا مملوكة ، أي شيء عذري عند الناس ؟ { يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } [ مريم : 23 ] .