Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 71-72)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
روى الإمام أحمد ، عن أبي سمية قال : اختلفنا في الورود ، فقال بعضنا : لا يدخلها مؤمن ، وقال بعضهم يدخلونها جميعاً ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ، فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له : إنا اختلفنا في الورود ، فقال : يردونها جميعاً ، وأهوى بأصبعه إلى أذنيه ، وقال : صُمّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يبقى بر ولا فاجر إلاّ دخلها ، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم ، حتى إن للنار ضجيجاً من بردهم ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثياً " وعن قيس بن أبي حازم قال : كان عبد الله بن رواحة واضعاً رأسه في حجر امرأته فبكى ، فبكت امرأته ، قال : ما يبكيك ؟ قالت : رأيتك تبكي فبكيت ، قال إني ذكرت قول الله عزَّ وجلَّ { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } فلا أدري أنجو منها أم لا ، وكان مريضاً . وقال ابن جرير عن أبي إسحاق : كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال : يا ليت أمي لم تلدني ، ثم يبكي ، فقيل له : ما يبكيك يا أبا ميسرة ؟ فقال : أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنا صادرون عنها . وعن الحسن البصري قال ، قال رجل لأخيه : هل أتاك أنك وارد النار ؟ قال : نعم ، قال : فهل أتاك أنك صادر عنها ؟ قال : لا ، قال : ففيم الضحك ، قال : فما رئي ضاحكاً حتى لحق بالله . وقال عبد الرزاق خاصم ابن عباس نافع بن الأزرق . فقال ابن عباس : الورود الدخول ، فقال نافع : لا ، فقرأ ابن عباس { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [ الأنبياء : 98 ] وردوا أم لا ؟ وقال : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } [ هود : 98 ] أوردهم أم لا ؟ أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل تخرج منها أم لا ؟ وما أرى مخرجك منها بتكذيبك ، فضحك نافع . وقال : عن مجاهد قال : كنت عند ابن عباس فأتاه رجل يقال له أبو راشد ، وهو نافع بن الأزرق . فقال له : يا ابن عباس ، أرأيت قول الله : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } ، قال : أما أنا وأنت يا أبا راشد فسنردها فانظر هل نصدر عنها أم لا ؟ . وعن عبد الله بن مسعود { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرد الناس كلهم ثم يصدرون عنها بأعمالهم " وقد رواه أسباط عن السدي ، عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال : يرد الناس جميعاً الصراط ، وورودهم قيامهم حول النار ، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم ، فمنهم من يمر مثل البرق ، ومنهم من يمر مثل الريح ، ومنهم من يمر مثل الطير ، ومنهم من يمر كأجود الخيل ، ومنهم من يمر كأجود الإبل . ومنهم من يمر كعدو الرجُل حتى إن آخرهم مراً رجل نوره على موضع إبهامي قدميه يمر فيتكفأ به الصراط ، والصرط دحض مزلة . عليه حسك كحسك القتاد ، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختفطون بها الناس ، وقال ابن جرير ، عن عبد الله قوله { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قال : الصراط على جهنم مثل حد السيف ، فتمر الطبقة الأولى كالبرق ، والثانية كالريح ، والثالثة كأجود الخيل ، والرابعة كأجود البهائم ، ثم يمرون والملائكة يقولون اللهم سلم سلم ، ولهذا شواهد في " الصحيحين " وغيرهما . عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة ، قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة فقال : " لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية " ، قالت حفصة : أليس الله يقول : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } الآية ، وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار إلا تحلة القسم " يعني الورود . وقال قتادة قوله : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } هو الممر عليها . وقال عبد الرحمٰن بن زيد : ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهرانيها ، وورود المشركين أن يدخلوها ، والزالون والزالات يومئذٍ كثير ، وقد أحاط بالجسر يومئذٍ سماطان من الملائكة دعاؤهم يا الله سلم سلم وقال السدي ، عن ابن مسعود في قوله { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } قال : قسماً واجباً ، وقال مجاهد : حتماً ، قال قضاء ، وقوله { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي إذا مر الخلائق كلهم على النار ، وسقط فيها من سقط من الكفار ، والعصاة ، نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم ، فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا ، ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين ، فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أكلتهم النار إلاّ دارات وجوههم ، وهي مواضع السجود ، ولا يبقى في النار إلاّ من وجب عليه الخلود ، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال تعالى : { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } .