Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 198-198)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
روى البخاري عن ابن عباس قال : كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية ، فتأثموا أن يتجروا في الموسم ، فنزلت : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } في مواسم الحج ، ولبعضهم : فلما جاء الإسلام تأثموا أن يتجروا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله هذه الآية . وروى أبو داود عن ابن عباس قال : كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج يقولون أيام ذكر فأنزل الله . { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } . وقال ابن جرير : سمعت ابن عمر سئل عن الرجل يحج ومعه تجارة فقرأ ابن عمر : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } وهذا موقوف وهو قوي جيد ، وقد روي مرفوعاً . عن أبي أمامة التيمي قال : " قلت لابن عمر : إنا نكري فهل لنا من حج ؟ قال : أليس تطوفون بالبيت ، وتأتون المعرف ، وترمون الجمار ، وتحلقون رؤوسكم ؟ قال : قلنا : بلى ، فقال : ابن عمر : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أنتم حجاج " وعن أبي صالح مولى عمر قال : قلت : يا أمير المؤمنين كنتم تتجرون في الحج ؟ قال : وهل كانت معايشهم إلا في الحج ؟ … وقوله تعالى : { فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ } إنما صرف عرفات - وإن كان علماً على مؤنث - لأنه في الأصل جمع كمسلمات ومؤمنات ، سُمِّيَ به بقعةٌ معينة فروعي فيه الأصل فصرف ، اختاره ابن جرير ، وعرفة موضع الوقوف في الحج ، وهي عمدة أفعال الحج ، ولهذا روي عن عبد الرحمٰن بن يعمر الديلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الحج عرفات - ثلاثاً - فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك ، وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه " ووقت الوقوف من الزوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس وقال : " لتأخذوا عني مناسككم " ، وقال في هذا الحديث : " فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك " ، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي رحمهم الله ، وذهب الإمام أحمد إلى أن وقت الوقوف من أول يوم عرفة واحتج بحديث الشعبي عن عروة بن مضرس الطائي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة ، فقلت : يا رسول الله : إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي ، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من شهد صلاتنا هذه فوقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه " . وتسمى عرفات ( المشعر الحرام ) والمشعر الأقصى و ( الإل ) على وزن هلال ويقال للجبل في وسطها جبل الرحمة ، قال أبو طالب في قصيدته المشهورة . @ وبالمشعر الأقصى إذا قصدوا له إلال إلى تلك الشراج القوابل @@ عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال دفعوا ، فأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدفعة من عرفة حتى غربت الشمس . وفي حديث ( جابر بن عبد الله ) الطويل الذي في صحيح مسلم قال فيه : فلم يزل واقفاً يعني بعرفة ، حتى غربت الشمس وبدت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول بيده اليمنى : " يا أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى جبلاً من الجبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبّح بينهما شيئاً ثم اضطجع ، حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبَّره وهلَّله ووحّده ، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس " وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد أنه سئل كيف كان يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دفع ؟ قال : كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص ، والعنق هو انبساط السير ، والنص فوقه . قال ابن عمر : المشعر الحرام المزدلفة كلها ، وعنه أنه سئل عن قوله : { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ } فقال : هذا الجبل وما حوله . وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة أنهم قالوا : هو ما بين الجبلين ، وقال ابن جريج : قلت لعطاء : أين المزدلفة ؟ قال : إذا أفضت من مأزمي عرفة فذلك إلى محسر ، قال : وليس المأزمان مأزماً عرفة من المزدلفة ولكن مفضاهما ، قال : فقف بينهما إن شئت ، قال : وأحب أن تقف دون قزح هلم إلينا من أجل طريق الناس . ( قلت ) : والمشاعر هي المعالم الظاهرة ، وإنما سميت المزدلفة المشعر الحرام لأنها داخل الحرم ، وعن زيد بن أسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عرفة كلها موقف وارفعوا عن عرفة ، وجمعٌ كلها موقف إلا محسراً " هذا حديث مرسل ، وقد قال الإمام أحمد عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل عرفات موقف وارفعوا عن عرفات ، وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر ، وكل فجاج مكة منحر ، وكل أيام التشريق ذبح " . وقوله تعالى : { وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ } تنبيه لهم على ما أنعم الله به عليهم من الهداية والبيان ، والإرشاد إلى مشاعر الحج ، على ما كان عليه من الهداية لإبراهيم الخليل عليه السلام ولهذا قال : { وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ } قيل : من قبل هذا الهدي ، وقيل : القرآن ، وقيل : الرسول ، والكل متقارب ومتلازم وصحيح .