Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 259-259)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقدم قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ } [ البقرة : 258 ] وهو في قوة قوله هل رأيت مثل الذي حاج إبراهيم في ربه ولهذا عطف عليه بقوله : { أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } اختلفوا في هذا المار من هو ؟ فروي عن علي بن أبي طالب أنه قال : هو عزير ، ورواه ابن جرير عن ابن عباس والحسن وقتادة وهذا القول هو المشهور ، وقيل : اسمه ( حزقيل بن بوار ) وقال مجاهد : هو رجل من بني إسرائيل ، وأما القرية فالمشهور أنها ( بيت المقدس ) مر عليها بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها { وَهِيَ خَاوِيَةٌ } أي ليس فيها أحد من قولهم خوت الدار تخوي خوياً . وقوله تعالى : { عَلَىٰ عُرُوشِهَا } أي ساقطة سقوفها وجدرانها على عرصاتها ، فوقف متفكراً فيما آل أمرها إليه بعد العمارة العظيمة ، وقال : { أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } ؟ ، وذلك لما رأى من دثورها وشدة خرابها ، وبعدها عن العود إلى ما كانت عليه . قال الله تعالى : { فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ } . قال : وعمرت البلدة بعد مضي سبعين سنة من موته ، وتكامل ساكنوها ، وتراجع بنو إسرائيل إليها ، فلما بعثه الله عز وجل بعد موته ، كان أول شيء أحيا الله فيه عينيه لينظر بهما إلى صنع الله فيه ، كيف يحيي بدنه فلما استقل سوياً { قَالَ } الله له ، أي بواسطة الملك : { كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } . قال : وذلك أنه مات أول النهار ، ثم بعثه الله في آخر النهار ، فلما رأى الشمس باقية ظن أنها شمس ذلك اليوم ، فقال : { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ } ، وذلك أنه كان معه فيما ذكر عنب وتين وعصير فوجده كما تقدم لم يتغير منه شيء ، لا العصير استحال ، ولا التين حمض ولا أنتن ، ولا العنب نقص : { وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ } أي كيف يحييه الله عزّ وجلّ وأنت تنظر ، { وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ } أي دليلاً على المعاد { وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا } أي نرفعها فيركب بعضها على بعض ، وقرىء { ننشرها } أي نحييها قاله مجاهد ، { ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً } . قال السدي : تفرقت عظام حماره حوله يميناً ويساراً ، فنظر إليها وهي تلوح من بياضها ، فبعث الله ريحاً فجمعتها من كل موضع من تلك المحلة ، ثم ركب كل عظم في موضعه صار حماراً قائماً من عظام لا لحم عليها ، ثم كساها الله لحماً وعصباً وعروقاً وجلداً ، وبعث الله ملكاً فنفخ في منخري الحمار فنهق بإذن الله عزّ وجلّ ، وذلك كله بمرأى من العزير . فعند ذلك لما تبيّن له هذا كله : { قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي أنا عالم بهذا ، وقد رأيته عياناً فأنا أعلم أهل زماني بذلك ، وقرأ آخرون : " قال إعْلَمْ " على أنه أمر له بالعلم .