Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 36-40)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه إجابة من الله لرسوله موسى عليه السلام ، فيما سأل من ربه عزّ وجلّ ، وتذكير له بنعمه السالفة عليه ، فيما كان من أمر أمه ، حين كانت ترضعه وتحذر عليه ، من فرعون وملئه أن يقتلوه ، حيث كانوا يقتلون الغلمان من بني إسرائيل حذراً من وجود موسى ، فحكم الله - وله السلطان العظيم والقدرة التامة - أن لا يربى إلاّ على فراش فرعون ، ويغذى بطعامه وشرابه ، مع محبته وزوجته له ، ولهذا قال تعالى : { يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } أي عدوك جعلته يحبك ، قال سلمه بن كهبل { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } قال : حببتك إلى عبادي ، { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } : تربى بعين الله ، وقال قتادة : تغذى على عيني ، وقال ابن أسلم : يعني أجعله في بيت الملك ينعم ويترف ، وغذاؤه عندهم غذاء الملك ، فتلك الصنعة . وقوله : { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها } ، وذلك أنه لما استقر عند آل فرعون ، وعرضوا عليه المراضع فأباها ، قال الله تعالى : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ } [ القصص : 12 ] ، فجاءت أخته ، وقالت : { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } [ القصص : 12 ] تعني هل أدلكم على من يرضعه لكم بالأجرة ، فذهبت به وهم معها إلى أمه ، فعرضت عليه ثديها فقبله ، ففرحوا بذلك فرحاً شديداً ، واستأجروها على إرضاعه ، فنالها بسببه سعادة ورفعة وراحة في الدنيا ، وفي الآخرة أعظم وأجزل ، ولهذا جاء في الحديث : " مثل الصانع الذي يحتسب في صنعته الخير ، كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها " ، وقال تعالى هٰهنا : { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ } أي عليك ، { وَقَتَلْتَ نَفْساً } يعني القبطي { فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ } وهو ما حصل له بسبب عزم آل فرعون على قتله ، ففر منهم هارباً حتى ورد ماء مدين ، وقوله : { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } . ( حديث الفتون ) : روى الإمام أبو عبد الرحمٰن أحمد بن شعيب النسائي في سننه ، عن سعيد بن جبير ، قال : سألت عبد الله بن عباس عن قول الله عزَّ وجلَّ لموسى عليه السلام : { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } ، فسألته عن الفتون ما هو ؟ فقال : استأنف النهار يا أبا جبير ، فإن لها حديثاً طويلاً ، فلما أصبحت غدوت إلى ابن عباس لأنتجز منه ما وعدني من حديث الفتون ، فقال : تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم عليه السلام أن يجعل في ذريته أبناء وملوكاً ، فقال بعضهم : إن بني إسرائيل ينتظرون ذلك لا يشكون فيه ، وكانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب ، فلما هلك قالوا : ليس هكذا كان وعد إبراهيم عليه السلام ، فقال فرعون : كيف ترون ؟ فائتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالاً معهم الشفار يطوفون في بني إسرائيل ، فلا يجدون مولوداً ذكراً إلاّ ذبحوه ، ففعلوا ذلك ، فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم ، والصغار يذبحون ، قالوا : ليوشكن أن تفنوا بني إسرائيل ، فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة التي يكفونكم ، فاقتلوا عاماً كل مولود ذكر واتركوا بناتهم ، ودعوا عاماً فلا تقتلوا منهم أحداً . فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار ، فإنهم لن يكثروا بمن تستحيون منهم ، فتخافوا مكاثرتهم إياكم ، ولم يفنوا بمن تقتلون ، وتحتاجون إليهم ، فأجمعوا أمرهم على ذلك ، فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان ، فولدته علانية آمنة ، فلما كان من قابل حملت بموسى عليه السلام فوقع في قلبها الهم والحزن ، وذلك من الفتون يا ابن جبير ، ما دخل عليه وهو في بطن أمه مما يراد به . فأوحى الله إليها أن لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ، فأمرها إذا ولدت أن تجعله في تابوت ثم تلقيه في اليم ، فلما ولدت فعلت ذلك ، فلما توارى عنها ابنها أتاها الشيطان ، فقالت في نفسها : ما فعلت بابني لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إليَّ من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه ، فانتهى الماء به حتى أوفى به عند مرفعة مستقى جواري امرأة فرعون ، فلما رأينه أخذنه فأردن أن يفتحن التابوت ، فقال بعضهن إن في هذا مالاً ، وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه ، فحملنه كهيئته لم يخرجن منه شيئاً ، حتى دفعنه إليها ، فلما فتحته رأت فيه غلاماً ، فألقى الله عليه منها محبة لم يلق منها على أحد قط ، وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً من ذكر كل شيء إلاّ من ذكر موسى ، فلما سمع الذباحون بأمره أقبلوا بشفارهم إلى امرأة فرعون ليذبحوه ، وذلك من الفتون يا ابن جبير ، فقالت لهم : أقروه ، فإن هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل ، حتى آتي فرعون فأستوهبه منه ، فإن وهبه لي كنتم قد أحسنتم وأجملتم ، وإن أمر بذبحه لم ألمكم ، فأتت فرعون فقالت : قرة عين لي ولك ، فقال فرعون : يكون لك فأما لي فلا حاجة لي فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي يُحلف به لو أقر فرعون أن يكون قرة عين له كما أقرت امرأته لهداه الله كما هداها ، ولكن حرمه ذلك " فأرسلت إلى من حولها إلى كل امرأة لها ، لأن تختار له ظئراً ، فجعل كلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم يقبل على ثديها حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمتنع من اللبن فيموت ، فأحزنها ذلك فأمرت به فأخرج إلى السوق ومجمع الناس ، ترجو أن تجد له ظئراً تأخذه منها ، فلم يقبل ، وأصبحت أم موسى والهاً فقالت لأخته : قصي أثره واطلبيه ، هل تسمعين له ذكراً ، حي ابني أم قد أكلته الدواب ؟ ونسيت ما كان الله وعدها فيه ، فبصرت به أخته عن جنب وهم لا يشعرون ، والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى شيء بعيد ، وهو إلى جنبه ، وهو لا يشعر به ، فقالت من الفرح حين أعياهم الظؤرات : أنا أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ، فأخذوها فقالوا : ما يدريك ما نصحهم له ، هل تعرفينه ؟ حتى شكوا في ذلك ، وذلك من الفتون يا ابن جبير . فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في صهر الملك ، ورجاء منفعة الملك ، فتركوها فانطلقت إلى أمها فأخبرتها الخبر ، فجاءت أمه ، فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها ، فمصه حتى امتلأ جنباه رياً ، وانطلق البشير إلى امرأة فرعون يبشرونها أن قد وجدنا لابنك ظئراً ، فأرسلت إليها فأتت بها وبه . فلما رأت ما يصنع بها ، قالت : امكثي ترضعي ابني هذا ، فإني لم أحب شيئاً حبه قط ، قالت أم موسى : لا أستطيع أن أدع بيتي وولدي فيضيع ، فإن طابت نفسك أن تعطينيه فأذهب به إلى بيتي فيكون معي لا آلوه خيراً ، فإني غير تاركة بيتي وولدي ، وذكرت أم موسى ما كان الله وعدها فيه ، فتعاسرت على امرأة فرعون ، وأيقنت أن الله منجز وعده ، فرجعت به إلى بيتها من يومها ، وأنبته الله نباتاً حسناً ، وحفظه لما قد قضى فيه . فلم يزل بنو إسرائيل ، وهم في ناحية القرية ممتنعين من السخرة والظلم ما كان فيهم . فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسى : أزيريني ابني ، فوعدتها يوماً تزيرها إياه فيه ، وقالت امرأة فرعون لخزانها وظؤرها وقهارمتها : لا يبقين أحد منكم إلاّ استقبل ابني اليوم بهديه وكرامة ، لأرى ذلك ، وأنا باعثة أميناً يحصي ما يصنع كل إنسان منكم ، فلم تزل الهدايا والكرامة والنحل تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل على امرأة فرعون ، فلما دخل عليها بجلته وأكرمته وفرحت به ، ونحلت أمه لحسن أثرها عليه ، ثم قالت : لآتين به فرعون فلينحلنه وليكرمنه ، فلما دخلت به عليه جعله في حجره ، فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض ، فقال الغواة من أعداء الله لفرعون : ألا ترى ما وعد الله إبراهيم نبيه أنه زعم أن يرثك ويعلوك ويصرعك ، فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه ، وذلك من الفتون يا ابن جبير . بعد كل بلاء ابتلي به . وأريد به فتوناً ، فجاءت امرأة فرعون فقالت : ما بدا لك في هذا الغلام الذي وهبته لي ؟ فقال : ألا ترينه يزعم أنه يصرعني ويعلوني ، فقالت : اجعل بيني وبينك أمراً يعرف الحق به ، ائت بجمرتين ، ولؤلؤتين ، فقدمهن إليه ، فإن بطش باللؤلؤتين واجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل ، وإن تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين علمت أن أحداً لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين ، وهو يعقل ، فقرب إليه الجمرتين واللؤلؤتين فتناول الجمرتين ، فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا يده ، فقالت المرأة : ألا ترى ؟ فصرفه الله عنه بعد ما كان قد هم به ، وكان الله بالغاً فيه أمره . فلما بلغ أشده ، وكان من الرجال ، لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم ولا سخرة حتى امتنعوا كل الامتناع ، فبينما موسى عليه السلام يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان ، أحدهما فرعوني والآخر إسرائيلي ، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فغضب موسى غضباً شديداً لأنه تناوله ، وهو يعلم منزلته من بني إسرائيل وحفظه لهم ، لا يعلم الناس إلاّ إنما ذلك من الرضاع ، إلاّ أم موسى ، إلاّ أن يكون الله أطلع موسى من ذلك على ما لم يطلع عليه غيره ، فوكز موسى الفرعوني فقتله ، وليس يراهما أحد إلاّ الله عزَّ وجلَّ والإسرائيلي ، فقال موسى حين قتل الرجل : هذا من عمل الشيطان إنه عدوّ مضل مبين ، ثم قال : { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [ القصص : 16 ] ، فأصبح في المدينة خائفاً يترقب الأخبار ، فأتى فرعون ، فقيل له : إن بني إسرائيل قتلوا رجلاً من آل فرعون فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم ، فقال : ابغوني قاتله ومن يشهد عليه ، فإن الملك وإن كان صفوة مع قومه لا يستقيم له أن يقيد بغير بينة ولا ثبت ، فاطلبوا لي علم ذلك آخذ لكم بحقكم . فبينما هم يطوفون لا يجدون ثبتاً إذا بموسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل رجلاً من آل فرعون آخر ، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف موسى قد ندم على ما كان منه ، وكره الذي رأى ، فغضب الإسرائيلي وهو يريد أن يبطش بالفرعوني ، فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم إنك لغوي مبين ، فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعد ما قال له ما قال ، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الذي قتل فيه الفرعوني ، فخاف أن يكون بعد ما قال له إنك لغوي مبين ، أن يكون إياه أراد ولم يكن أراده إنما أراد الفرعوني ، فخاف الإسرائيلي وقال : يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ، وإنما قاله مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله فتتاركا ، وانطلق الفرعوني فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر ، حين يقول : يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس . فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى ، فأخذ رسل فرعون في الطريق الأعظم يمشون على هينتهم ، يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم ، فجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة ، فاختصر طريقاً حتى سبقهم إلى موسى فأخبره ، وذلك من الفتون يا ابن جبير . فخرج موسى متوجهاً نحو مدين لم يلق بلاء قبل ذلك ، وليس له بالطريق علم إلاّ حسن ظنه بربه عزّ وجلّ ، فإنه قال : { عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ } [ القصص : 22 - 23 ] يعني بذلك حابستين غنمهما ، فقال لهما : ما خطبكما معتزلتين لا تسقيان مع الناس ؟ قالتا : ليس لنا قوة نزاحم القوم ، وإنما نسقي من فضول حياضهم ، فسقى لهما ، فجعل يغترف في الدلو ماء كثيراً حتى كان أول الرعاء ، فانصرفتا بغنمهما إلى أبيهما وانصرف موسى عليه السلام فاستظل بشجرة ، وقال : { رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } [ القصص : 24 ] ، واستنكر أبوهما سرعة صدورهما ، بغنمهما حفلاً بطاناً ، فقال : إن لكما اليوم لشأناً ، فأخبرتاه بما صنع موسى ، فأمر إحداهما أن تدعوه ، فأتت موسى فدعته ، فلما كلمه ، قال : لا تخف نجوت من القوم الظالمين ، ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطان ، ولسنا في مملكته ، فقالت إحداهما : { يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } [ القصص : 26 ] فاحتملته الغيرة على أن قال لها : ما يدريك ما قوته ، وما أمانته ؟ فقالت : أما قوته فما رأيت منه في الدلو حين سقى لنا ، لم أر رجلاً قط أقوى في ذلك السقي منه ، وأما الأمانة فإنه نظر إليَّ حين أقبلت إليه وشخصت له ، فلما علم أني امرأة صوّب رأسه فلم يرفعه حتى بلغته رسالتك ، ثم قال لي : امشي خلفي وانعتي لي الطريق ، فلم يفعل هذا إلاّ وهو أمين فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي قالت ، فقال له : هل لك أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج . فإن أتممت عشراً فمن عندك ، وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين ، ففعل ، فكانت على نبي الله موسى ثمان سنين واجبة ، وكانت سنتان عدة فقضى الله عنه عدته فأتمها عشراً . قال سعيد بن جبير : فلقيني رجل من أهل النصرانية من علمائهم ، قال : هل تدري أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا ، وأنا يومئذٍ لا أدري ، فلقيت ابن عباس فذكرت له ذلك ، فقال : أما علمت أن ثمانياً كانت على نبي الله واجبة لم يكن نبي الله لينقص منها شيئاً ، ويعلم أن الله كان قاضياً عن موسى عدته التي كان وعده ، فإنه قضى عشر سنين ، فلقيت النصراني فأخبرته ذلك ، فقال : الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك ، قلت : أجل وأولى . فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار والعصا ويده ما قص الله عليك في القرآن ، فشكا إلى الله تعالى ما يحذر من آل فرعون في القتل ، وعقدة لسانه ، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام ، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءاً يتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه فآتاه الله سؤله وحل عقدة من لسانه ، وأوحى الله إلى هارون وأمره أن يلقاه ، فاندفع موسى بعصاه حتى لقي هارون عليه السلام ، فانطلقا جميعاً إلى فرعون فأقاما على بابه حيناً لا يؤذن لهما ، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد ، فقالا : { إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ } [ طه : 47 ] ، قال : فمن ربكما ؟ فأخبراه بالذي قص الله عليك في القرآن ، قال : فما تريدان ؟ وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت ، قال : أريد أن تؤمن بالله وترسل معنا بني إسرائيل ، فأبى عليه ، فقال : ائت بآية إن كنت من الصادقين ، فألقى عصاه فإذا هي حية تسعى عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون ، فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها فاقتحم عن سريره ، واستغاث بموسى أن يكفها عنه ، ففعل ، ثم أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء ، يعني من غير برص ، ثم ردها فعادت إلى لونها الأول ، فاستشار الملأ حوله فيما رأى ، فقالوا له : هذان ساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى ، يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش ، وأبوا على موسى أن يعطوه شيئاً مما طلب ، وقالوا له : اجمع لهما السحرة ، فإنهم بأرضك كثير حتى تغلب بسحرك سحرهما ، فأرسل إلى المدائن فحشر له كل ساحر متعالم ، فلما أتوا فرعون قالوا : بم يعمل هذا الساحر ؟ قالوا : يعمل بالحيات ، قالوا : فلا والله ما أحد في الأرض يعمل بالسحر بالحيات والحبال والعصي الذي نعمل فما أجرنا إن نحن غلبناه ؟ قال لهم : أنتم أقاربي وخاصتي وأنا صانع إليكم كل شيء أحببتم ، فتواعدوا يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى . قال سعيد بن جبير : فحدثني ابن عباس : أن يوم الزينة اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة هو يوم عاشوراء . فلما اجتمعوا في صعيد واحد ، قال الناس بعضهم لبعض : انطلقوا فلنحضر هذا الأمر { لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ } [ الشعراء : 40 ] يعنون موسى وهارون ، استهزاء بهما { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ قَالَ أَلْقَوْاْ } [ الأعراف : 115 - 116 ] ، { فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الشعراء : 44 ] ، فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفة ، فأوحى الله إليه أن ألق عصاك ، فلما ألقاها صارت ثعباناً عظيماً فاغراً فاه فجعلت العصي تلتبس بالحبال حتى صارت جرزاً إلى الثعبان تدخل فيه ، حتى ما أبقت عصا ولا حبلاً إلاّ ابتلعته ، فلما عرف السحرة ذلك قالوا : لو كان هذا سحراً لم يبلغ من سحرنا كل هذا ، ولكن هذا أمر من الله عزَّ وجلَّ ، آمنا بالله وبما جاء به موسى من عند الله ونتوب إلى الله مما كنا عليه ، فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه ، وظهر الحق ، وبطل ما كانوا يعملون { فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ صَاغِرِينَ } [ الأعراف : 119 ] ، وامرأة فرعون بارزة متبذلة تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون وأشياعه ، فمن رآها من آل فرعون ظن أنها ابتذلت للشفقة على فرعون وأشياعه وإنما كان حزنها وهمها لموسى . فلما طال مكث موسى بمواعيد فرعون الكاذبة ، كلما جاء بآية وعده عندها أن يرسل معه بني إسرائيل ، فإذا مضت أخلف موعده ، وقال : هل يستطيع ربك أن يصنع غير هذا ؟ فأرسل الله على قومه : الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، آيات مفصلات ، كل ذلك يشكو إلى موسى ويطلب إليه أن يكفها عنه ويواثقه على أن يرسل معه بني إسرائيل ، فإذا كف ذلك عنه أخلف موعده ونكث عهده ، حتى أمر الله موسى بالخروج بقومه فخرج بهم ليلاً ، فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا أرسل في المدائن حاشرين ، فتبعه بجنود عظيمة كثيرة ، وأوحى الله إلى البحر إذا ضربك عبدي موسى بعصاه فانفلق اثنتي عشرة فرقة حتى يجوز موسى ومن معه ، ثم التقي على من بقي بعد من فرعون وأشياعه ، فنسي موسى أن يضرب البحر بالعصا وانتهى إلى البحر وله قصيف ، مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافل فيصير عاصياً لله . فلما تراءى الجمعان وتقاربا ، قال أصحاب موسى : إنا لمدركون ، افعل ما أمرك به ربك فإنه لم يكذب ولم تكذب . قال : وعدني ربي إذا أتيت البحر انفلق اثنتي عشرة فرقة ، حتى أجاوزه ، ثم ذكر بعد ذلك العصا ، فضرب البحر بعصاه حين دنا أوائل جند فرعون من أواخر جند موسى ، فانفرق البحر كما أمره ربه وكما وعده موسى ، فلما أن جاز موسى وأصحابه كلهم البحر ودخل فرعون وأصحابه ، التقى عليهم البحر كما أمر ؛ فلما جاوز موسى البحر قال أصحابه : إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق ولا نؤمن بهلاكه ، فدعا ربه فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا بهلاكه . ثم مروا بعد ذلك على قوم يعكفون على أصنام لهم { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ } [ الأعراف : 138 - 139 ] الآية : قد رأيتم من العبر ، وسمعتم ما يكفيكم ، ومضى فأنزلهم موسى منزلاً ، وقال : أطيعوا هارون فإني قد استخلفته عليكم فإني ذاهب إلى ربي ، وأجلهم ثلاثين يوماً أن يرجع إليهم فيها ، فلما أتى ربه وأراد أن يكلمه ثلاثين يوماً وقد صامهن ليلهن ونهارهن ، وكره أن يكلم ربه وريح فيه ، ريح فم الصائم ، فتناول موسى من نبات الأرض شيئاً فمضغه ، فقال له ربه حين أتاه : لم أفطرت ؟ وهو أعلم بالذي كان ! قال : يا رب إني كرهت أن أكلمك إلاّ وفمي طيب الريح ، قال : أو ما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ، ارجع فصم عشراً . ثم ائتني . ففعل موسى عليه السلام ما أمر به ، فلما رأى قومه أنه لم يرجع إليهم في الأجل ساءهم ذلك ، وكان هارون قد خطبهم ، وقال : إنكم قد خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم عوار وودائع ولكم فيهم مثل ذلك ، فإني أرى أنكم تحتسبون مالكم عندهم ، ولا أحل لكم وديعة استودعتموها ولا عارية ولسنا برادين إليهم شيئاً من ذلك ولا ممسكيه لأنفسنا . فحفر حفيراً وأمر كل قوم عندهم من ذلك من متاع أو حلية أن يقذفوه في ذلك الحفير ، ثم أوقد عليه النار فأحرقته ، فقال : لا يكون لنا ولا لهم . وكان السامري من قوم يعبدون البقر ، جيران لبني إسرائيل ، ولم يكن من بني إسرائيل ، فاحتمل مع موسى وبني إسرائيل حين احتملوا . فقضى له أن رأى أثراً فقبض منه قبضة فمر بهارون ، فقال له هارون عليه السلام : يا سامري إلاّ تلقي ما في يدك وهو قابض عليه لا يراه أحد طول ذلك ، فقال : هذه قبضة من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر ، لا ألقيها لشيء إلاّ أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يجعلها ما أريد ، فألقاها ودعا له هارون ، فقال : أريد أن يكون عجلاً ، فاجتمع ما كان في الحفيرة من متاع أو حلية أو نحاس أو حديد ، فصار عجلاً أجوف ليس فيه روح وله خوار ! قال ابن عباس : لا والله ما كان له صوت قط إنما كانت الريح تدخل في دبره وتخرج من فيه ، وكان ذلك الصوت من ذلك ، فتفرق بنو إسرائيل فرقاً ؛ فقالت : فرقة : يا سامري ما هذا وأنت أعلم به ؟ قال : هذا ربكم ، ولكن موسى أضل الطريق ، فقالت فرقة : لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى ، فإن كان ربنا لم نكن ضيعناه وعجزنا فيه حين رأينا ، وإن لم يكن ربنا ، فإنا نتبع قول موسى . وقالت فرقة : هذا من عمل الشيطان ، وليس بربنا ، ولا نؤمن ولا نصدق ، وأشرب فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل ، وأعلنوا التكذيب به ، فقال لهم هارون : { يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } [ طه : 90 ] ، قالوا : فما بال موسى وعدنا ثلاثين يوماً ، ثم أخلفنا ، هذه أربعون يوماً قد مضت ، وقال سفهاؤهم : أخطأ ربه فهو يطلبه يتبعه . فلما كلم الله موسى وقال له ما قال ، أخبره بما لقي قومه من بعده ، { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } [ طه : 86 ] ، فقال لهم : ما سمعتم في القرآن ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه ، وألقى الألواح من الغضب ، ثم إنه عذر أخاه بعذره واستغفر له وانصرف إلى السامري ، فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : قبضت قبضة من أثر الرسول وفطنت لها وعميت عليكم { فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } [ طه : 96 - 97 ] . ولو كان إلهاً لم يخلص إلى ذلك منه ، فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة ، واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأي هارون ، فقالو لجماعتهم : يا موسى سل لنا ربك أن يفتح لنا باب توبة نصنعها ، فيكفر عنا ما عملنا ، فاختار موسى قومه سبعين رجلاً لذلك لا يألو الخير ، خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في العجل ، فانطلق بهم يسأل لهم التوبة ، فرجفت بهم الأرض فاستحيا نبي الله من قومه ومن وفده حين فعل بهم ما فعل ، فقال : { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } [ الأعراف : 155 ] ؟ وفيهم من كان الله اطلع منه على ما أشرب قلبه من حب العجل وإيمانه به ، فلذلك رجفت بهم الأرض ، فقال : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ } [ الأعراف : 156 - 157 ] ، فقال : يا رب سألتك التوبة لقومي فقلت إن رحمتي كتبتها لقوم غير قومي ، هلا أخرتني حتى تخرجني في أمة ذلك الرجل المرحومة ؟ فقال له : إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم من لقي من والد وولد ، فيقتله بالسيف ولا يبالي في ذلك الموطن ، وتاب أولئك الذين كان خفي أمرهم على موسى وهارون ، واطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها وفعلوا ما أمروا وغفر الله للقاتل والمقتول . ثم سار بهم موسى عليه السلام متوجهاً نحو الأرض المقدسة ، وأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب ، فأمرهم بالذي أمرهم به أن يبلغهم من الوظائف . فثقل ذلك عليهم وأبوا أن يقروا بها ، فنتق الله عليهم الجبل كأنه ظلة ، ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم ، فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم مصغون ، ينظرون إلى الجبل والكتاب بأيديهم وهم من وراء الجبل مخافة أن يقع عليهم ، ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة ، فوجدوا مدينة فيها قوم جبارون ، خلقهم خلق منكر ، وذكروا من ثمارهم أمراً عجيباً من عظمها ، فقالوا : يا موسى ! إن فيها قوماً جبارين لا طاقة لنا بهم ولا ندخلها ما داموا فيها ، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ، قال رجلان من الذين يخافون : قيل ليزيد هكذا قرأت ؟ قال : نعم من الجبارين آمنا بموسى ، وخرجا إليه ، قالوا : نحن أعلم بقومنا إن كنتم إنما تخافون ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم لا قلوب لهم ولا منعة عندهم ، فادخلوا عليهم الباب ، فإذا دخلتموه فإنكم غالبون . ويقول أناس : إنهم من قوم موسى ، فقال الذين يخافون بنو إسرائيل : { قَالُواْ يَامُوسَىۤ إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [ المائدة : 24 ] ، فأغضبوا موسى فدعا عليهم وسماهم فاسقين ، ولم يدع عليهم قبل ذلك لما رأى منهم من المعصية وإساءتهم ، حتى كان يومئذٍ ، فاستجاب الله له وسماهم كما سماهم موسى فاسقين ، وحرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار ، وظلل عليهم الغمام في التيه وأنزل عليهم المن والسلوى ، وجعل لهم ثياباً لا تبلى ولا تتسخ ، وجعل بين ظهرانيهم حجراً مربعاً وأمر موسى فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً في كل ناحية ثلاثة أعين ، وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون منها فلا يرتحلون من مكان إلاّ وجدوا ذلك الحجر بينهم بالمكان الذي كان فيه بالأمس . يقول تعالى مخاطباً لموسى عليه السلام : إنه لبث مقيماً في أهل مدين فاراً من فرعون وملئه ، يرعى على صهره حتى انتهت المدة وانقضى الأجل ، ثم جاء موافقاً لقدر الله وإرادته من غير ميعاد ، والأمر كله لله تبارك وتعالى ، وهو المسيّر عباده وخلقه فيما يشاء ، ولهذا قال : { ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } قال مجاهد : أي على موعد ، وقال قتادة : على قدر الرسالة والنبوة .