Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 76-83)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ } أي ابتليناهم بالمصائب والشدائد ، { فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } أي فما ردهم ذلك عما كانوا فيه من الكفر والمخالفة بل استمروا على غيهم وضلالهم ، ما استكانوا أي ما خشعوا { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } أي ما دعوا ، كما قال تعالى : { فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } [ الأنعام : 43 ] الآية . عن ابن عباس أنه قال : جاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز يعني الوبر والدم - فأنزل الله : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ } ، وأصله في " الصحيحين " " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " وقوله : { حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } ، أي حتى إذا جاءهم أمر الله وجاءتهم الساعة بغتة ، فأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون ، فعند ذلك أبلسوا من كل خير ، وأيسوا من كل راحة وانقطعت آمالهم ورجاؤهم ، ثم ذكر تعالى نعمه على عباده بأن جعل لهم السمع والأبصار والأفئدة وهي العقول التي يذكرون بها الأشياء ، ويعتبرون بما في الكون من الآيات الدالة على وحدانية الله ، وأنه الفاعل المختار لما يشاء . وقوله : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } أي ما أقل شكركم لله على ما أنعم به عليكم ، ثم أخبر تعالى عن قدرته العظيمة وسلطانه القاهر ، في برئه الخليقة وذرئه لهم في سائر أقطار الأرض ، على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم ، ثم يوم القيامة يجمع الأولين منهم والآخرين لميقات يوم معلوم ، ولهذا قال : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ } أي يحيي الرمم ويميت الأمم ، { وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي وعن أمره تسخير الليل والنهار كل منهما يطلب الآخر طلباً حثيثاً ، يتعاقبان لا يفتران ولا يفترقان بزمان غيرهما كقوله : { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } [ يس : 40 ] الآية ، وقوله : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي أفليس لكم عقول تدلكم على العزيز العليم الذي قد قهر كل شيء وخضع له كل شيء ؟ ثم قال مخبراً عن منكري البعث الذين أشبهوا من قبلهم من المكذبين { بَلْ قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ * قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } يعني يستبعدون وقوع ذلك بعد صيرورتهم إلى البلى ، { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } يعنون الإعادة محال إنما يخبر بها من تلقاها عن كتب الأولين واختلاقهم ، وهذا الإنكار والتكذيب منهم كقوله إخباراً عنهم { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً * قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } [ النازعات : 11 - 12 ] ، { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [ يس : 78 - 79 ] الآيات .