Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 3-3)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلاّ زانية أو مشركة ، أي لا يطاوعه على مراده من الزنا إلاّ زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك ، وكذلك { وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ } أي عاص بزناه { أَوْ مُشْرِكٌ } لا يعتقد تحريمه ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ليس هذا بالنكاح إنما هو الجماع لا يزني بها إلاّ زان أو مشرك ، وقوله تعالى : { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي تعاطيه والتزوج بالبغايا أو تزويج العفائف بالرجال الفجار ، وقال أبو داود الطيالسي عن ابن عباس { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } قال : حرم الله الزنا على المؤمنين ، وقال قتادة ومقاتل بن حبان : حرم الله على المؤمنين نكاح البغايا ، وهذه الآية كقوله تعالى : { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } [ النساء : 25 ] ، وقوله : { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ } [ المائدة : 5 ] الآية ، ومن هٰهنا ذهب الإمام أحمد إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب ، فإن تابت صح العقد عليها وإلاّ فلا ، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة ، لقوله تعالى : { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } . عن عبد الله بن عمرو : قال كانت امرأة يقال لها أم مهزول وكانت تسافح ، فأراد رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ : { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رجل يقال له ( مرثد ابن أبي مرثد ) وكان رجلاً يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة ، قال : وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها ( عناق ) وكانت صديقة له ، وأنه واعد رجلاً من أسارى مكة يحمله ، قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة ، قال : فجاءت عناق فأبصرت سواد ظل تحت الحائط ، فلما انتهت إليَّ عرفتني ، فقالت : مرثد ؟ فقالت : مرحباً وأهلاً ، هلم فبت عندنا الليلة ، قال ، فقلت : يا عناق حرم الله الزنا ، فقالت : يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم ، قال : فتبعني ثمانية ودخلت الحديقة ، فانتهيت إلى غار أو كهف ، فدخلت فيه فجاءوا حتى قاموا على رأسي ، فبالوا ، فظل بولهم على رأسي ، فأعماهم الله عني ، قال : ثم رجعوا فرجعت إلى صاحبي فحملته ، وكان ثقيلاً حتى انتهيت إلى الإذخر ، ففككت عنه أحبله ، فجعلت أحمله ويعينني حتى أتيت به المدينة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أنكح عناقاً أنكح عناقاً - مرتين ؟ - فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا مرثد : الزاني لا ينكح إلاّ زانية أو مشركة فلا تنكحها " . وقال الإمام أحمد عن عبد الله بن يسار مولى ابن عمر قال . أشهد لسمعت سالماً يقول : قال عبد الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال ، والديوث " وفي رواية : " ثلاثة حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر ، والعاق لوالديه ، والذي يقر في أهله الخبث " وقال أبو داود الطيالسي في مسنده عن عمار بن ياسر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة ديوث " وفي الحديث : " من أراد أن يلقى الله وهو طاهر متطهر فليتزوج الحرائر " فأما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج ، لما روي عن ابن عباس وسأله رجل فقال : إني كنت ألم بامرأة آتي منها ما حرم الله عزَّ وجلَّ عليّ فرزق الله عزَّ وجلَّ من ذلك توبة ، فأردت أن أتزوجها ، فقال أناس : إن الزاني لا ينكح إلاّ زانية أو مشركة ، فقال ابن عباس : ليس هذا في هذا ، انكحها فما كان من إثم فعلي ، وقد ادعى طائفة من العلماء أن هذه الآية منسوخة . قال ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : ذكر عنده { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ } قال : نسختها التي بعدها : { وأنكحوا الأيامى منكم } قال : كان يقال الأيامى من المسلمين .