Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 38-42)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه ، وافترائه في دعواه الإلهية لعنه الله ، كما قال الله تعالى : { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ } [ الزخرف : 54 ] الآية ، وذلك لأنه دعاهم إلى الاعتراف له بالإلهية ، فأجابوه إلى ذلك بقلة عقولهم وسخافة أذهانهم ، ولهذا قال : { يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } ، وقال تعالى إخباراً عنه { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ * فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 23 - 24 ] يعني أنه جمع قومه ونادى فيهم بصوته العالي مصرحاً لهم بذلك فأجابوه سامعين مطيعين ، ولهذا انتقم الله تعالى منه فجعله عبرة لغيره في الدنيا والآخرة ، حتى إنه واجه موسى الكليم بذلك ، فقال : { لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } [ الشعراء : 29 ] ، وقوله : { فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } يعني أمر وزيره ( هامان ) مدير رعيته أو يوقد له على الطين يعني يتخذ له آجراً لبناء الصرح ، وهو القصر المنيف الرفيع العالي ، كما قال في الآية الأخرى : { وَقَالَ فَرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحاً لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ * أَسْبَابَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً } [ غافر : 36 - 37 ] الآية . وذلك لأن فرعون بنى هذا الصرح الذي لم ير في الدنيا بناء أعلى منه إنما أراد بهذا أن يظهر لرعيته تكذيب موسى فيما زعمه من دعوى إلٰه غير فرعون ، ولهذا قال : { وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } أي في قوله إن ثَمَّ رباً غيري ، لا أنه كذبه في أن الله تعالى أرسله لأنه لم يكن يعترف بوجود الصانع جل وعلا ، فإنه قال : { وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 23 ] ؟ وقال : { لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } [ الشعراء : 29 ] ، وقال : { يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } وهذا قول ابن جرير ، وقوله تعالى : { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } أي طغوا وتجبروا وأكثروا في الأرض الفساد ، واعتقدوا أنه لا قيامة ولا معاد ، { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [ الفجر : 13 - 14 ] ، ولهذا قال تعالى هٰهنا : { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } أي أغرقناهم في البحر في صبيحة واحدة فلم يبق منهم أحد ، { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } أي لمن سلك وراءهم وأخذ بطريقتهم في تكذيب الرسل وتعطيل الصانع ، { وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } أي فاجتمع عليهم خزي الدنيا موصولاً بذل الآخرة ، كما قال تعالى : { أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } [ محمد : 13 ] ، وقوله تعالى : { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } أي وشرع الله لعنتهم ولعنة ملكهم فرعون على ألسنة المؤمنين من عباده المتبعين لرسله كما أنهم في الدنيا ملعونون على ألسنة الأنبياء وأتباعهم كذلك ، { وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } قال قتادة : هذه الآية كقوله تعالى : { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } [ هود : 99 ] .