Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 44-47)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى منبهاً على برهان نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث أخبر بالغيوب الماضية خبراً كأن سامعه شاهدٌ وراءٍ لما تقدم . وهو رجل أمي لا يقرأ شيئاً من الكتب ، نشأ بين قوم لا يعرفون شيئاً من ذلك ، كما أنه لما أخبره عن مريم ، قال تعالى : { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } [ آل عمران : 44 ] ، ولما أخبره عن نوح وإغراق قومه ، قال تعالى : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } [ هود : 49 ] الآية . وقال بعد ذكر قصة يوسف { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } [ يوسف : 102 ] الآية ، وقال في سورة طه : { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ } [ طه : 99 ] الآية ، وقال هٰهنا بعدما أخبر عن قصة موسى { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } يعني ما كنت يا محمد بجانب الجبل الغربي الذي كلّم الله موسى من الشجرة على شاطىء الوادي ، { وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } لذلك ، ولكن الله سبحانه وتعالى أوحى إليك ذلك ، ليكون حجة وبرهاناً على قرون قد تطاول عهدها ، ونسوا حجج الله عليهم ، وما أوحاه إلى الأنبياء المتقدمين ، وقوله تعالى : { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } أي وما كنت مقيماً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ، حين أخبرت عن نبيها شعيب وما قاله لقومه وما ردوا عليه ، { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } أي ولكن نحن أوحينا إليك ذلك ، وأرسلناك إلى الناس رسولاً ، { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } قيل : المراد أمة محمد ، نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني وأجبتكم قبل أن تدعوني ، وقال قتادة : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } موسى ، وهذا أشبه بقوله تعالى : { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } ، ثم أخبر هٰهنا بصيغة أخرى أخص من ذلك وهو النداء ، كما قال تعالى : { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } [ الشعراء : 10 ] ، وقال تعالى : { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } [ النازعات : 16 ] وقال تعالى : { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } [ مريم : 52 ] ، وقوله تعالى : { وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } أي ما كنت مشاهداً لشيء من ذلك ، ولكن الله تعالى أوحاه إليك وأخبرك به رحمة منه بك وبالعباد بإرسالك إليهم ، { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي لعلهم يهتدون بما جئتهم به من الله عزَّ وجلَّ ، { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } الآية ، أي : وأرسلناك إليهم لتقيم عليهم الحجة ؛ وينقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بكفرهم ، فيحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير ، كما قال تعالى : { أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ } [ الأنعام : 156 ] ، وقال تعالى : { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } [ المائدة : 19 ] والآيات في هذه كثيرة .