Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 48-51)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن القوم أنه لو عذبهم قبل قيام الحجة عليهم لاحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ، فلما جاءهم الحق من عنده على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا على وجه التعنت والعناد ، والكفر والإلحاد : { لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } الآية ، يعنون مثل العصا ، واليد ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، وتنقيص الزروع والثمار مما يضيق على أعداء الله ، وكفلق البحر ، وتظليل الغمام ، وإنزال المن والسلوى إلى غير ذلك من الآيات الباهرة ، والحجج القاهرة ، التي أجراها الله تعالى على يدي موسى عليه السلام ، حجة وبرهاناً له على فرعون وملئه ، ومع هذا كله لم ينجع في فرعون وملئه ، بل كفروا بموسى وأخيه هارون ، كما قالوا لهما : { أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } [ يونس : 78 ] ، وقال تعالى : { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } [ المؤمنون : 48 ] ، ولهذا قال ها هنا : { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } أي أولم يكفر البشر بما أوتي موسى من تلك الآيات العظيمة ، { قَالواْ ساحران تظاهرا } أي تعاونا ، { وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } أي بكل منهما كافرون ، قال مجاهد : أمرت اليهود قريشاً أن يقولوا لمحمد صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقال الله : { أولم يكفروا بمآ أوتي موسىٰ من قبل قالوا ساحران تظاهرا } قال : يعني موسى وهارون صلى الله عليهما وسلم { تَظَاهَرَا } أي تعاونا وتناصرا وصدق كل منهما الآخر ؛ وهذا قول جيد قوي ، وعن ابن عباس : { قالوا ساحران تظاهرا } قال : يعنون موسى ومحمداً صلى الله عليهما وسلم وهذا رواية الحسن البصري ، وأما من قرأ { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } فروي عن ابن عباس : يعنون التوراة والقرآن ، قال السدي : يعني صدق كل واحد منهما الآخر ، وقال عكرمة : يعنون التوراة والإنجيل واختاره ابن جرير ، والظاهر أنهم يعنون التوراة والقرآن لأنه قال بعده : { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ } ، وكثيراً ما يقرن الله بين التوراة والقرآن ، كما في قوله تعالى : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ } [ الأنعام : 91 ] إلى أن قال { وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } [ الأنعام : 92 ] ، وقال في آخر السورة { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ } [ الأنعام : 154 ] الآية ، وقال : { وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الأنعام : 155 ] . وقد علم بالضرورة لذوي الألباب ، أن الله تعالى لم ينزل كتاباً من السماء - فيما أنزل من الكتب المتعدده على أنبيائه - أكمل ولا أشمل ولا أفصح ولا أعظم ولا أشرف ، من الكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن ، وبعده في الشرف والعظمة الكتب الذي أنزله على موسى عليه السلام ، وهو الكتاب الذي قال الله فيه : { إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ } [ المائدة : 44 ] والإنجيل إنما أنزل متمماً للتوراة ، ومحلاً لبعض ما حرم على بني إسرائيل . ولهذا قال تعالى : { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي فيما تدافعون به الحق وتعارضون به من الباطل ، قال الله تعالى : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ } إي فإن لم يجيبوك عما قلت لهم ولم يتبعوا الحق { فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ } أي بلا دليل ولا حجة ، { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ } أي بغير حجة مأخوذة من كتاب الله ، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } ، وقوله تعالى : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ } قال مجاهد : فصلنا لهم القول ، وقال السدي : بيَّنا لهم القول ، وقال قتادة ، يقول تعالى : أخبرهم كيف صنع بمن مضى وكيف هو صانع { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } .